حمل عهد محمد السادس، منذ الأيام الأولى لتوليه الحكم، تباشير تغيير طالت كل المجالات والقطاعات، وشملت حتى القضايا الشائكة.
يحفل اومما لاشك فيه أن اعتماد مدونة جديدة للأسرة بمواصفات ومرجعيات حديثة كان من بين الإصلاحات الكبرى، التي شهدها المغرب في مطلع الألفية الثالثة، من خلال فتح الباب أمام نصف المجتمع آفاقا أوسع للمساواة. كما شكلت إعادة فتح الصفحات المظلمة من سنوات الرصاص وتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، في عام 2004، وتعويض ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري أبرز محطات العهد الجديد، في الوقت الذي كان يصعب حتى تخيل ذلك قبل سنوات قليلة. شمل التغيير، بطبيعة الحال، قطاعات أخرى وقضايا شائكة. فالحقل الديني، مثلا، كان موضوعا لإصلاح عميق متسارع، خصوصا بعد بروز الظاهرة الإرهابية وانحراف الخطاب الديني. أما على المستوى الاقتصادي، وكما كان منتظرا، انخرط العهد الجديد في مسار إصلاحي (تقوية البنيات التحتية، خاصة في ميدان المواصلات)، تطوير قطاعات الفلاحة والصناعة، مع إيلاء أهمية أكبر للميدان البيئي… سياسيا، استطاعت المملكة، دون اهتزازات كبرى، تجاوز موجات الربيع العربي، مكتسبة في السياق دستورا جديدا، الأكثر ليبرالية في تاريخ البلاد. وهو ما فتح المجال أمام “تناوب ثان” إن جاز التعبير، وإدماج هادئ للإسلاميين، بعد إدماج اليسار… تحققت كل هذه الإنجازات، وكل هذه التحولات، بفضل المجهود الشخصي للملك، لكن أيضا بفضل الحيوية الفريدة من نوعها للمجتمع المدني. ومع شبيبة نشيطة أضحت تشكل، في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، طليعة رأي عام لم يعد ممكنا لمن يتولى السلطة، تجاهله. لا شك أن هذه العناصر الإيجابية تحتاج التأكيد، فالمغرب فتح آفاقا أمام مجالات متعددة. يبقى أن ينخرط، غدا، بشكل فعلي ومطلق، في تلك الآفاق، ولكن أيضا، أن يصحح الاختلالات ويتجاوزها، خصوصا منها، منابع مقاومة التغيير، ومراودات العودة إلى الوراء… تقترح عليكم “زمان” رصدا لهذه السنين الثمانية عشر، الطويلة والغنية، والتي باتت تشكل مرحلة من تاريخنا. قراءة ممتعة.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 46-47 من مجلتكم «زمان»