لطالما انخرط المغرب، بكل وسائله المتاحة، في عملية إحلال السلام في المنطقة الأكثر توترا بالشرق الأوسط. وسيرا على نهج الحسن الثاني، فقد عمل الملك محمد السادس للتخفيف من أزمات الفلسطينيين، ودعا إلى نهج الحوار والتفاوض للوصول إلى حل دائم للقضية.
منذ السابع من أكتوبر الماضي، توجهت أنظار العالم مرة أخرى إلى ما يجري بقطاع غزة، وذلك بسبب ما قامت به “حركة حماس“ على الحدود الإسرائيلية، مما أسفر عن عملية مضادة ما تزال عواقبها مستمرة إلى الآن، والتي ذهب ضحيتها آلاف القتلى والضحايا. فانقسم العالم حول حق الدفاع وأحقية الأرض، وأيضا حول الحلول الممكنة. لم يكن المغرب بعيدا عما يجري هناك، ممثلا في ملك البلاد بصفته رئيس لجنة القدس. إذ أعربت المملكة يوم 7 أكتوبر 2023 أن «نهج الحوار والمفاوضات يظل السبيل الوحيد للوصول إلى حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية» .ومع استمرار الصراع، أرسل الملك طائرتين محملتين بمساعدات إنسانية للفلسطينيين .تذكرنا مثل هاته المواقف وغيرها، بالأدوار التي قام بها المغرب منذ اشتداد الأزمة سنة .1967 فما هي هذه الأدوار، وكيف توسط المغرب لإحلال السلام بالمنطقة؟
قام المغرب بعدة أدوار سرية ومعلنة في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي؛ إذ بدا الملك الراحل الحسن الثاني، منذ تسلمه الحكم، بمظهر الوسيط بالرغم من بعده الجغرافي. وقد شكلت سنة 1967 لحظة تحول لموقف الملك، الذي كان يرى قبل ذلك أن الصراع هو شأن العرب اليهود والعرب المسلمين. فبادر أولا لفتح علاقاته مع القيادة الفلسطينية الجديدة فالتقى “سرا“ بعض زعمائها، منهم ياسر عرفات بقصر أگادير، وكانت الغاية أن يتأكد الملك من موقف القيادة الفلسطينية من اليهود عموما حتى يمكنه التوسط بين الأطراف المتحاربة.
وإلى جانب لقاءاته مع الطرفين، أبدى الملك استعداد قواته العسكرية «لأداء واجبها القومي دفاعا عن الأرض العربية وعن الأماكن المقدسة»، كما قال. ورغم أنها لم تشارك في حرب 1967، فإنه بعث فرقا عسكرية أخرى شاركت في حرب الجولان بسوريا سنة .1973 وبإزاء هذه الحرب، قام الملك بأدوار وساطة حيث هيأ شروط اللقاء الأول بين موشي ديان والجانب المصري، وهي اللقاءات التي ستفضي إلى توقيع كامب ديفيد في .1978 وفي سنة ،1986 استقبل الملك شمعون بيريز بإفران، الشيء الذي جلب عليه وابلا من الانتقادات، لكن هاته الزيارة قرأها بعض المحللين بأن الملك كان يحاول القيام بدور راعي السلام بين الأديان؛ إذ استقبل قبله بسنة بابا الفاتيكان بالمغرب.
انخرط المغرب مبكرا في هموم العرب، وتقلد دور الوساطة في صراعات المشرق (فلسطين، اليمن، الأردن، مصر، سوريا، لبنان)..، واحتضن لقاءات عديدة للقمة العربية، وكان ذلك أيضا من أجل إيجاد مساندة عربية لقضاياه الإقليمية، في مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو سنة ،1993 والتي قام فيها الملك بأدوار أكيدة، فتح المغرب مكتبا للاتصال في إسرائيل، وفتح بالموازاة بعثة دبلوماسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية بغزة، وبذلك ظل حذرا في علاقته بالطرفين.