تتضارب الروايات حول حقيقة سيدي هدي، الذي ينسب إليه تأسيس الطريقة الهداوية، ما يجعل سيرته أقرب إلى الأسطورة منها إلى التاريخ. لكن الأكيد أن ضريح سيدي هدي يدل فعلا على طريقة متميزة في التصوف الشعبي.
ينتمي سيدي هدي لتلك الفئة من الشخصيات التراثية الواقعة بين الأسطورة والتاريخ. إذا كان أثره أكيدا ومستمرا، من خلال ضريحه والطقوس «الهداوية» المرتبطة بالزاوية التي تحمل اسمه، فإن تفاصيل حياته غير أكيدة. سواء اعتبر أسطورة أو شخصا وجد بالفعل، تجمع المصادر التي اهتمت بسيرته على مساهمته الفعلية في التصوف الشعبي المغربي. «تاهداويت» نسبة إلى سيدي هدي، طريقة من طرق التأويل الصوفي الشعبي للدين، يجعل الهداوي شخصا بوهيميا، «بوهاليا»، يعتزل الناس، يحب القطط، يهيم على وجهه، يعيش على الصدقات، غير مبال بنظافته ولا هندامه، يعشق تدخين الكيف، مرشح لأن يصبح في أي لحظة شخصا عنيفا وخطيرا خاصة تجاه غير المسلمين.
أسطورة البركة الهداوية
لا توجد، إذن، معلومات دقيقة حول هوية سيدي هدي. هناك من يرجح أن اسمه سيدي هدي بن محمد بن الزين، عاصر مولاي عبد السلام بن مشيش في القرن الثالث عشر ميلادي. وهناك من يتحدث عن سيدي هدي بن عمرمرحا الذي توفي سنة 1805!
في المقابل، تجمع المصادر على أن الأمر يتعلق فعلا بالضريح الموجود في بني عروس، بمنطقة جبالة شمال المغرب.
يرجح أوغوست مولييرا، في الجزء المخصص لـ«اكتشاف جبالة» ضمن مؤلفه «المغرب المجهول»، الرواية التي تتحدث عن سيدي هدي المعاصر لمولاي عبد السلام بن مشيش في القرن الثالث عشر. يعتقد مولييرا أنه كان ينتمي لعائلة فقيرة لكن ذات حظوة. كان يقضي وقته في الترحال متنقلا بين ضريح وآخر، يعيش على الصدقات، ويدخن الكيف باستمرار طيلة اليوم. هذه الطريقة الخاصة في الحياة حولته، وهو في سن الثلاثين، إلى شخص مثير للانتباه بهندامه الرث المتسخ، فصار مثالا يقتفي أثره مجموعة من الشباب البوهيميين.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 26من مجلتكم «زمان»