حاولت فرنسا فرض حماية مبكرة على المغرب، غير أن زيارة الإمبراطور الألماني إلى مدينة طنجة في عام 1905، أجلت الحلم الفرنسي إلى حين.
تعود البدايات الأولى للعلاقات المغربية -الألمانية إلى سنة 1502، حيث حاول التجار الجرمان مد جسور العلاقات واستنباتها عبر إقامة فروع لهم في ميناء صافي، وقد ظلت علاقات المغرب مع ألمانيا حتى حدود 1872، علاقات شبه منعدمة يطغى عليها التقطع وعدم الانتظام، لكن مع سنة 1881 بدأت الحرارة تدب في شرايين العلاقات بين البلدين، واستهلت بمحادثات بين المغرب ومدينة بريمن للتوصل إلى عقد اتفاقية تجارية، لكن الأمر لم يكتب له النجاح لغياب الإرادة، فاكتفت بعض المدن الجرمانية مثل هانس، خلال هذه الفترة بتفويض بريطانيا لحماية مصالحها، وتخويل بروسيا السويد تمثيلها في المملكة الشريفة.
بسمارك يسأل عن المملكة
في سنة 1852، زار مينوتالي، قنصل بروسيا في برشلونة، طنجة، وكتب تقريرا أبرق فيه الأهمية الجيو-ستراتيجية والمزايا التجارية التي يتمتع بها المغرب، ونبه إلى إمكانية توظيفه للحصول من فرنسا وبريطانيا على تنازلات مفيدة للسياسة البروسية في أوربا. فكان هذا التقرير وتنبيهاته نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، فأصبح المغرب في الاستراتيجية الألمانية بمثابة حصان طروادة الذي يمكن من خلاله محاصرة فرنسا وضرب مصالحها والضغط على القوى الأوربية لانتزاع مكاسب لها، وأول توظيف للمملكة الشريفة في هذا المنحى محاولة ألمانيا جعلها مخلب قط في الصراع الألماني الفرنسي، وذلك من خلال إثارة الاضطرابات والفتن في الجزائر عبر بعض الشخصيات المغربية كشريف وزان، بهدف إضعاف القدرات العسكرية الفرنسية وتشتيت مجهودها تذليلا لهزمها في الحرب المستعرة بينهما في أوروبا، كما كانت تهدف من حسم الحرب لصالحها تعويض فرنسا في المستعمرات الإفريقية، وبهذا المعنى أشارت الصحف الألمانية إلى دور استمالة المخزن المغربي في تحقيق الطموح الألماني في إفريقيا بالقول: «إن كسب حكومة المملكة الشريفة في صفنا خلال الحرب، يساعدنا في وضع الحد للسيطرة الفرنسية في إفريقيا، وإخفاقنا يعني امتداد سيطرتها حتى المحيط الأطلسي».
أنس الصنهاجي
تتمة الملف تجدونها في العدد 38 من مجلتكم «زمان»