يشتغل إبراهيم الكبلي، الأستاذ الجامعي بالولايات المتحدة الأمريكية، على عدة قضايا ذات راهنية وحساسية في الآن نفسه، ويحاول التعريف بها أمام العالم الأنكَلوفوني، أهمها : حقوق الإنسان والأمازيغية واليهودية. هذه الثلاثية جعلته يطرح من خلالها إشكالات تتعلق بمسألة الأرشيف الوطني للدول الديمقراطية. ففي المغرب، وعلى الرغم من عقود الاستقلال، إلا أنه لم يستطع أن ينشئ مؤسسة تتعلق بجمع الأرشيف وكتابة التاريخ الوطني إلا متأخرا، وذلك لعدة أسباب يفصل فيها الباحث في أطروحته التي عنونها بـ”الأرشيف الآخر .في هذا الحوار مع مجلة ”زمان””، نتعرف على مسار الباحث في المغرب وفي أمريكا، ويغوص بنا الحديث في مواضيع حول الأبحاث التاريخية بالمغرب قبل الاستعمار وما بعد مرحلة الاستقلال، والتطورات التي حصلت إلى غاية الآن. بالإضافة إلى الحديث عن أدوار مؤسسات حديثة ساعدت على إعادة كتابة التاريخ خلال ”العهد الجديد”، في مقدمتها ”هيأة الإنصاف والمصالحة”، وكذلك المعيقات التي تعترض الباحث الأكاديمي.
في البداية، وبشكل مقتضب، كيف تعرّف نفسك للقارئ المغربي، نظرا لكونك ”مغتربا “عنه من حيث اللغة والإقامة؟
اسمي إبراهيم الكبلي وأنا من مواليد تيفولتوت وهي قرية صغيرة تبعد عن مركز مدينة ورزازات بسبعة كيلومترات. أعمل أستاذا جامعيا في أمريكا، حيث أدرس الأدبين العربي والمقارن، وأشتغل على إدخال الدراسات الأمازيغية في الميدان الأكاديمي الأنكَلوفوني.
أين ترعرعت قبل التحاقك بالولايات المتحدة الأمريكية؟
تيفولتوت من القرى التي تحفل بتاريخ مهم يحتفظ براهنية كبرى. ففي تيفولتوت، توجد قصبة من قصبات الكلاوي وفيها كان يسكن خليفة من خلفائه على الجنوب كان يسمى قيد حياته “أوتزكارت“. يوجد أيضا بالبلدة جزء قديم يسمى “الملاح“، كما توجد فيها مقبرتان يهوديتان بالإضافة إلى آثار أخرى مهمة. ترعرعت في هذه المنطقة حيث لم تصلنا الكهرباء إلا في أواسط الثمانينات، ولم يتم ربطنا بالماء الصالح للشرب إلا في التسعينات، بفضل هبة من الوكالة اليابانية للتنمية. القرية تغيرت كثيرا الآن، وسوف تتغير أكثر في المستقبل ولكنني أحن دائما إلى أشياء لم يعد لها وجود. أحن أيضا إلى المشي في حقولها، وإلى سماع قصص الكثير من الشيوخ الذين تركوا هذا العالم في العشرين سنة الأخيرة، حاملين معهم تاريخا لم يكتب له أن يدون ولكنني كنت محظوظا وسمعت منه الكثير منهم مباشرة، غير أنني لم أكن أدرك أنني أصحبت شاهدا على شهود (The witness of witnesses) تاريخ شاركوا فيه.
حاوره غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 119/118 من مجلتكم «زمان»