استحضر المفكر عبد الله العروي في كتابه “العرب والفكر التاريخي”، الزعيم السياسي المهدي بنبركة، وانتقد عليه ما يراه “إخفاقات” سياسية و”مراوغات” إيديولوجية.
يقول العروي: “كنت أثناء اشتغالي بـ”شفاء السائل” [يقصد كتاب ابن خلدون] أفكر في إخفاق رجل آخر، ذي مؤهلات كبرى وهو المهدي بن بركة. كان ألمع شخصية أنتجتها الحركة الاستقلالية المغربية، حيوية وإخلاصا ونفاذ فكر، ومع ذلك أخفق في جميع محاولاته لإعادة تنظيم الحزب وإعطاء مضمون للاستقلال السياسي وتغيير مجرى انزلاق المغرب في طريق التبعية والركود. ثم من إخفاق إلي إخفاق آخر اضطر إلى اللجوء إلي الخارج حيث تقلص نفوذه في الداخل. لم نكن نتوقع آنذاك أن هجرته كانت في الواقع تدق ناقوس الوداع، تعلن أن عهد التطلعات قد خلفه عهد دموي طويل يعرف فيه المغرب إخفاقات متعددة أخرى ــ لكننا كنا قد فهمنا علي الأقل أن الشوط الأول بعد الاستقلال قد انتهي ولم يفز به أنصار التقدم وأصحاب الملكات والمؤهلات، بل انتصر فيه عبدة المنفعة الذاتية ومستغلو التخلف والجهل”.
ويضيف العروي: “لوحظ عليه [أي بنبركة]، في السنوات 1955 و1960، أنه كان يستعمل نظريات وموضوعات ماركسية لتفسير وتبرير قراراته ومواقفه السياسية (مثلا حول دور الحزب المسيطر في البلاد النامية، حول ضبط مفهوم تضامن الشعوب النامية ضد الاستعمار، ومضمون الاستعمار الجديد أو المقنع.. الخ). كان لجوؤه إلى الماركسية من نوع خاص -يتوصل هو إلى النتيجة عن طريق تحليل مسلسل ومنطقي، لكن في العرض يقدم النتيجة جاهزة كأنّها من بديهيات “العلم” العصري التي يجب أن تقبل بدون مناقشة. فلا يعطي في العرض مع النتائج طرائق الاستنتاج- وعندما كان يلاحظ عليه هذا الأسلوب الناقص، غير المكون في الواقع لأطر (كوادر) الحركة، كان يتجنب الموضوع أو يقول إن الوقت لم يحن بعد”.