كيف كان الوضع الديني خلال السنوات الأولى للعهد الجديد؟ وما هي سياقات إحداث تغيير في هذا الوضع؟ وما هي أهم معالم هيكلة الحقل الديني التي عرفها ربع قرن من عهد محمد السادس؟
شهد عهد الملك محمد السادس تغييرات يمكن اعتبارها جذرية عما كان عليه الحال في عهد والده الملك الحسن الثاني، ولعل الأحداث الكبرى التي عرفها العالم والمغرب بداية هذا القرن قد اضطلعت بدور كبير في هذا التغيير، وجعلت الدولة تسارع إلى إعادة هيكل الحقل الديني، بما يتلاءم مع التحديات التي طرحها الوضع الجديد، وبما يضمن الاستقرار الديني والأمني الذي يساعد على تنزيل التوجهات الكبرى لدولة محمد السادس الجديدة. لم يعرف الشأن الديني مع تولي الملك محمد السادس لمقاليد الحكم سنة 1999 أي تغييرات ملحوظة أو تعديلات بارزة، وبقي وزير الملك الراحل عبد الكبير العلوي المدغري في منصبه سنوات بعد ذلك، إلا أن أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001 كانت بمثابة الإنذار والضوء الأحمر الذي نبه المسؤولين إلى تداعيات سياسة الارتخاء الأمني تجاه التيارات المتطرفة عقود الثمانينات والتسعينات، إذ كانت واقعة نيويورك سببا في ظهور تيارات دينية غير منظمة نسبت إلى السلفية الجهادية، وفي بروز فوضى غير مسبوقة على صعيد الفتوى والآراء الدينية، كان من أشهر تجلياتها ما عرف بـ«فتوى علماء المغرب حول دخول المملكة ودول العالم الإسلامي في الحلف الذي دعت إليه أمريكا ضد الإرهاب»، والتي تزعم إصدارها إدريس الكتاني رفقة قريبه حسن الكتاني، ونصت على تحريم ما أقدمت عليه الدولة من الانضمام إلى التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها المعلنة ضد الإرهاب. كما أكدت، أيضا، عدم جواز صلاة أي مسلم في كنيسة نصرانية أو بيعة يهودية بممارسة طقوسها الدينية، في معارضة فقهية مباشرة لحضور وفد رسمي يمثل الدولة المغربية في القداس الذي نظمته كاتدرائية سان بيير بالرباط يوم 16 شتنبر سنة ،2001 تضامنا مع ضحايا أحداث 11 شتنبر بالولايات المتحدة، وكان من المثير يومها توقيع تسعة عشر من الفقهاء الرسميين والمنتمين للمجالس العلمية على بيان الفتوى، رغم لغتها الصادمة والمعارضة لتوجه الدولة يومها، حيث جاء فيها: «لا يجوز دخول المغرب، حكومة وشعبا، في الحلف الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأميركية ضد الإرهاب.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»