هزت الجريمة الإرهابية ضد مجلة “شارلي إيبدو” ومتجر يهودي في فرنسا العالم، كما جاءت تداعياتها لتذكر المسلمين بأن مواجهة التأويلات الإرهابية للدين ما تزال معركة مفتوحة.
تبرز الجريمة الإرهابية النكراء التي هزت فرنسا الشهر الماضي، عمق التأخر التاريخي للفضاء الثقافي العربي الإسلامي، في عمومه، عن قيم الحداثة الكونية. بينما خرج الناس في فرنسا للاحتجاج على استهداف حرية الرأي والتعبير، خرج آخرون في بلدان إسلامية للاحتجاج على طريقة معينة في ممارسة هذه الحرية، وانبرى كثيرون لتبرير الجريمة الإرهابية في حق صحافيي ورسامي مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة. سوء تفاهم عميق بين نمطين في التفكير يمكن تلخيص جوهر الفرق بينهما في تأخر الفضاء الثقافي الإسلامي عن إدراك نسبية الحقيقة واستمراره، على العموم، في نطاق التفكير وفق مبدأ الحقيقة المطلقة، حقيقة الدين الذي تقف عنده حدود حرية الرأي والتعبير.
في معرض مناقشته للفرق بين نظرتي الغرب والعرب للتاريخ، في مؤلفه «العرب والفكر التاريخي»، يوضح عبدلله العروي أن نظرة الغرب للتاريخ «تنبني في آخر التحليل على مبدأ فلسفي لابد من الكشف عنه لكي نعي كل خلفيات التفكير التاريخي. الافتراض هو أن الأمر الإلهي ليس حاضرا في الكون منذ البدء ولا غائبا أبد الدهر، أو بعبارة أقل ارتباطا بعلم الكلام، إن الحقيقة المطلقة ليست معروفة منذ القدم ولا هي خارج متناول البشر أبد الآبدين، لأن في كلتا الحالتين يفقد التاريخ، كما رأينا، إيجابيته ويعود مسرحا لخيال الظل. لكي يكون التاريخ ميدان جد ومسؤولية، لابد من اعتبار الحقيقة المطلقة كحركة وكصيرورة (…) وهذا المبدأ (أو الافتراض الفلسفي، ويجب أن نوضح أن المبدأ المناقض له، مبدأ الحقيقة المطلقة التي تنكشف في إشراقة مباغتة لا يعدو أن يكون أيضا افتراضا) هو في آن واحد أساس النزعة التاريخية (التاريخانية) والديمقراطية والعلم الحديث».
إسماعيل بلاوعلي
تجدون تتمة المقال في العدد 16 من «زمان»