هل يستعد المغرب بالفعل للدخول في مرحلة يسميها البعض ببداية التخلص من التبعية للإرث الفرنسي، وذلك انطلاقا من تدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من الإعدادي؟
في نهاية شهر ماي المنصرم، عممت وزارة التربية الوطنية مذكرة إلى مدراء المؤسسات التعليمية والمفتشين، تخبرهم بالاستعداد لاعتماد تدريس اللغة الإنجليزية في المستوى الإعدادي ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، وذلك بشكل تدريجي حتى يتم تعميم اللغة بشكل كامل في متم سنة .2026تأتي هذه المذكرة تجاوبا مع ما يفرضه دستور المملكة الذي ينص على تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، «باعتبارها وسائل للتواصل والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة والانفتاح على مختلف الثقافات وعلى حضارة العصر». ويرتبط هذا النهج الجديد بالهندسة اللغوية التي يؤطرها القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل تمكين النشء من إتقان اللغات الأجنبية في سن مبكرة.
لكن ما مدى أهمية اللغة الإنجليزية مقابل الفرنسية؟ ترى الوزارة أن اللغة الإنجليزية في المجتمع أضحت لها أدوار وظيفية، وتكمن أهميتها في الآفاق المستقبلية التي تفتحها للناشئة في مجالات المعرفة والعلم والتكنولوجيا والتواصل والانفتاح الثقافي والحضاري وغيرها .أما المختصون في هذا المجال، فيلخصون فائدة هذا الإجراء في تمكين التلاميذ من اختيار ميولاتهم العلمية والأدبية في سن مبكر، وعدم إبقائهم رهينين بإتقان اللغة الفرنسية، مما سيفتح لهم آفاقا أوسع لاستكمال الدراسة بالجامعات الأجنبية، التي يشترط معظمها إتقان اللغة الإنجليزية، ناهيك عن سوق الشغل الدولي الذي أضحى المغرب مرتبطا به سنة عن سنة.
أما من الناحية السياسية لهذا التوجه نحو العالم الأنجلوساكسوني، فيقرأه البعض بأنه بداية “التحرر“ من التبعية الفرنسية ابتداء من المناهج المدرسية، وذلك على ضوء التوتر الذي طبع العلاقات الفرنسية المغربية خلال السنوات الأخيرة .يعزز هؤلاء توقعاتهم بما ذكره الوزير شكيب بنموسى، حين أعرب قبل سنة من الآن أنه «سيتم تدريجيا تدريس المواد العلمية باللغة الإنجليزية بدل اللغة الفرنسية». وإذ تستبعد الأرقام الحالية هاته التكهنات نظرا لعدد أساتذة اللغة الإنجليزية القليل مقارنة بالفرنسية، فإن هذا القرار يلقى “ترحيبا سياسيا“ لحدود الآن؛ وهو ما يطرح تساؤلا عن عدم الاعتراض عليه من جهة ما، كحزب “العدالة والتنمية“ الذي طالما اعترض بالمقابل على «فرنسة التعليم».
ومما يؤكد عزم المغرب على هذا الانفتاح، هو اعتماد وزارة التعليم العالي كذلك استراتيجية تهم اللغة الإنجليزية، إذ سيصبح الطالب مجبرا على إتقان إحدى اللغات، منها الإنجليزية، عند الولوج وعند التخرج. وفي هذا الإطار، عقدت الوزارة “مذكرة تفاهم“ مع المجلس الثقافي البريطاني، حتى يتمكن الطلبة من الاستفادة من اختبارات إشهادية للغة الإنجليزية بأسعار تفضيلية.