شهد المغرب، غداة تولي محمد السادس المُلك، انتقالا جوهريًا نحو المعاصرة في كل المجالات الثقافية، من الكتابة الإبداعية والفكرية إلى الفنون البصرية مرورا بالموسيقى والسينما.
نَسْتَعْمِلُ مفهوم العهد الجديد كما تم استعماله في الصحافة والتداول اليومي بالمغرب بعد صعود الملك محمد السادس إلى عرش المملكة المغربية. وللعلم، فهناك مفاهيم متعددة استعملتها وسائل التواصل الرسمية والتي أصبحت مقبولة من عدد كبير من مهنيي الصحافة والتحليل السياسي. ولعل ما يطبع هذا العهد، أيا كانت تسميته، ثقافيا وفنيا هو انتقال الممارسة من الحداثة إلى المعاصرة. صحيح أن القارئ يمكن أن يتساءل كيف يمكن المرور إلى المعاصرة بالنسبة لفاعلين ثقافيين ببلد لم يلج بعد الحداثة؟ أكيد كذلك أن الحداثة على المستوى السياسي والمجتمعي تقتضي تحولا عميقا يطال القوانين والمعاملات والعقليات ويحدث تغييرا عميقا في المجتمع… لكن الممارسة الفكرية والثقافية قد تمثل جزرا منيرة داخل غابات متشعبة. فالكاتب والمفكر والفنان يعيشون العصر على مستوى الكون ولا يرتبطون، على مستوى طرائق الإبداع، بالواقع الذي يعيشونه بأجسادهم. فتبني طرائق إبداعية معاصرة تتجاوز الطرح الحداثي لا يعني بالضرورة انسلاخ المبدع عن بيئته والتبرم عن مسئوليته في الإسهام في تغيير مجتمعه. بهذا المعنى لا يكون الإبداع انعكاسا للواقع، بل صورة لواقع جديد نحلم به ونتوق إلى تحقيقه. من هنا يمكن أن نلاحظ أن المغرب شهد تحولًا جوهريًا نحو المعاصرة في المجال الثقافي في الفترة التي أشرت إليها. كيف تم ذلك؟ وما هي العوامل الدافعة لهذا التحول؟ بلا شك، هناك عوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية سواء داخلية أو خارجية تؤثر على هذا التحول.
سوف نتناول بعض العناصر البارزة في الحركة الثقافية، محاولين استكشاف أصول هذا التقدم خلال الفترة إياها. ومن باب التحليل التاريخي، بشكل مادي، وجب الاعتراف أن الانتقال الذي سوف نتحدث عنه لم ينزل من السماء ولم ينبت كالفطر، بل هو ثمرة سيرورة طويلة ربما أتيحت لها ظروف لتتفتح في هذه الفترة الزمنية.
موليم العروسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»