تعاطت قبيلة زعير مثل باقي بوادي المغرب، خلال الفترة المعاصرة، لمجموعة من الحرف والصنائع، ومن خلالها كانت بعض العائلات تكسب قوت يومها.
تنوعت الحرف والصنائع بقبيلة زعير وتطورت بفعل احتكاك القبيلة مع الحواضر الكبرى المجاورة لها مثل الرباط وسلا، والملاحظ أنها لم تكن منتظمة تنظيما جيدا، أو متجمعة في مكان معلوم كما هو الشأن في الحواضر الكبرى مثل سلا ومكناس وفاس، لكون الحرف كانت عملا تكميليا للنشاط الزراعي والرعوي المنتشر في عامة دواوير القبيلة، وكانت العائلات التي تحترفها معروفة ومتواجدة في دواوير بعينها. وتأتي الأنشطة المرتبط بالحرف في المرتبة الثالثة بعد الرعي والزراعة، وانتشرت بالمنطقة عدة حرف مختلفة شملت مجالات متباينة. بحكم توفر منطقة زعير على موارد غابوية متنوعة وشاسعة، تعاطى سكانها لصناعة الخشب، حيث كانوا يحصلون على عدة أنواع خشبية انطلاقا من الغابات المجاورة مثل غابة الصباب والسهول وبورزيم. وتحتضن هذه الغابات عدة أنواع من الخشب، مثل خشب الفلين والعرعار بنوعيه (الطبيعي) وعرعار (تايدا)، والزيتون البري (جبوج) بالإضافة إلى الأوكاليبتوس. وكان الحصول على الخشب من الغابات المجاورة بالمجان، أما الأنواع الخشبية الأخرى ذات الجودة العالية مثل خشب الموسكي والزان، فكان يتم جلبها من سلا التي كان يطلق عليها بـ“الڭاعة“. وكان الزعريون يحتاجون إلى الخشب في بناء الخيمة، وكذا في صنع أدوات فلاحية كالمحراث والحظائر المفتوحة للأبقار والماعز والجمال، إضافة إلى الأدوات المنزلية كالدفوف وغيرها. كما عرف تحضير الفحم ازدهارا كبيرا بفعل انتشار “الكواشة“ بالمنطقة، ويبدو أن ظاهرة الكواشة عرفت نشاطا مهما يتجلى ذلك من خلال عدد الحمير التي كانوا يتوفرون عليها وهو ما يستشف من الرسالة السلطانية الموجهة إلى القائد الجيلاني المباركي، ومما جاء فيها: «وبعد، فقد بلغ لعلمنا الشريف أن أولاد كثير تعرضوا للكواشة بالغابة، وأخذوا لهم ستة وثلاثين حمارا زاعمين أنهم أخذوها كفافا في قبض أخيهم سالم. وعليه، فنأمرك أن تقف على رد ما أخذوه لمن ذكر، ولابد أن يردوا لما أخذوه ولم يكتفوا عنه فسطوةا لله بالمرصاد لهم وعما قريب يحل بهم ما يعضون يد الندامة على ما اقتحموه.
ميلود سوالمة
تتمة المقال تجدونها في العدد 139 من مجلتكم «زمان»