فيما يسود اختلاف حول صدور أول جريدة في المغرب، يكاد يكون هناك إجماع على الدور الذي قامت به، على مدى قرنين، الصحافة المكتوبة التي أصبحت الآن مهددة بالزوال.
شكلت مدن ساحل البحر الأبيض المتوسط منذ ما لا يقل عن قرن ونصف مسقط رأس الصحافة في المغرب، حيث تُجمع إلى يومنا هذا جل كتب تاريخ الصحافة بالمغرب على هذه الحقيقة، بالرغم من اختلافها في تحديد تاريخ صدور أول جريدة. يؤكد زين العابدين الكتاني أن “المتحرر الإفريقي” “El Liberal Africano” أول محاولة صحفية ترى النور في مدينة سبتة سنة 1820، فيما تعتبر أمينة أعوشار “صدى تطوان” “El Eco de Tetuan” أول جريدة تصدر في المملكة المغربية، وذلك سنة 1860، إذ تمت طباعتها من طرف «الاحتلال الإسباني باستعمال آلة طابعة خاصة بالحملات». أما صاحب المقال الذي نشر في مجلة “مغرب” فهو يزعم أن أول جريدة أسبوعية حررت في المغرب هي جريدة “المغرب الأقصى” التي صدرت باللغة الإنجليزية سنة 1877 بمدينة طنجة. كما ذُكر هذا العنوان كذلك من طرف عبد لله العروي، الذي لم يحدد أنها أول جريدة صدرت بالمغرب، بل اكتفى باعتبارها المؤشر الوحيد لبدايات هذه الصحيفة.
ويفيد العروي أن دخول «تقنية الطباعة للمغرب كان عبر مدينة طنجة سنة 1880»، بينما يؤكد الكتاني أنه قبل صدور الجريدة الأسبوعية الفرنسية “عين طنجة” “L’œil de Tanger”، فإن الاتحاد الإسرائيلي العالمي الذي كان يرعاها قد قام “بتزويدها مسبقا بالآلة الطابعة اللازمة لصدورها»، لتعتبر أول طابعة في مدينة طنجة بعد فشل محاولة سابقة قام بها محرر من مدينة وهران، وفق الكتاني. ويعزى التناقض الذي نلاحظه في هذه اللمحات التاريخية إلى ما هو أبعد من تاريخ ظهور الصحافة، إذ يَنْصَبُّ في خانة الغموض الذي يلف تاريخ ظهور تقنيات الطباعة بالمغرب. كما تدل مختلف الصيغ التاريخية على أن المغرب لم يشهد ولوج تقنيات الطباعة قبل منتصف القرن التاسع عشر. ويرجع ذلك بالنسبة للكتاني إلى «مهمة دبلوماسية قام بها الحاج إدريس بن محمد بن إدريس في فرنسا سنة 1859».
جمال الدين ناجي
تتمة المقال تجدونها في العدد 61 من مجلتكم «زمان»