لم يشذ الفقهاء المغاربة عن المذاهب الأربعة التي أجمعت على تحريم الموسيقى حتى وإن مال بعضهم إلى إباحة الغناء .لكن، أحيانا، ظهر فقهاء اعتبروا الموسيقى إحساسا جماليا وذوقا فنيا لا يمكن للمرء منعه ولا مغالبته.
عرفت المجتمعات المسلمة، شأنها شأن باقي المجتمعات، الموسيقى مهنة متداولة، وثقافة عامة منتشرة في مختلف مكونات المجتمع، ولم يمنع ذلك كله من أن يكون الاستماع إليها واحدا من أبرز القضايا الجدلية في التراث الإسلامي، بين محلل ومحرم وواضع للشروط والقيود والضوابط، وألفت في ذلك الكتب وجرى النقاش وانعقدت المناظرات. إلا أن هذا الخلاف الفقهي لم يمنع من التعاطي مع الموسيقى من طرف مختلف الفئات الاجتماعية، بما في ذلك أهل الفقه والحديث والتصوف، حتى إن سماع الموسيقى تحول إلى طقس ديني عند بعض الطوائف الإسلامية، ولم يجد كثير من أعلام المعرفة الدينية حرجا في أن تكون الموسيقى جزءا من معاشهم ويومياتهم إضافة إلى تصدرهم للتدريس والإفتاء والتوجيه. فكيف عالج فقهاء المسلمين قضايا الموسيقى والغناء؟ وكيف تفاعلت المدارس الإسلامية مع هذه القضية عبر فترات تاريخ المسلمين؟ وماذا كان موقف الفقهاء المغاربة من سماع الموسيقى وممارسة الغناء؟ وما هي أبرز المؤلفات والمواقف في الباب؟
يفرق فقهاء المسلمين بين الغناء والموسيقى، فلا خلاف بينهم في أصل إباحة الغناء، وقد يرد عليه التحريم بسبب مضمونه إذا تضمن محظورا شرعيا خارجا عن إطار الدين، فالغناء هو مجرد أشعار أو كلمات تقال بألحان خاصة لتحريك المشاعر، فالحادي يغني لإبله لتسرع في المشي، والأم تغني لأبنائها لتحفيزهم على الاسترخاء والنوم، فهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح. وأما الموسيقى، فهي الأصوات المنبعثة من آلات مخصصة عند تحريكها بأسلوب خاص، ويسميها الفقهاء بـ“المعازف“.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 119/118 من مجلتكم «زمان»