تعايشت المالكية حين وصلت إلى المغرب، في البداية، مع المذاهب الأخرى، قبل أن تدخل معها في صراعات، حسمها المرابطون بجعل المالكية مذهبا رسميا، ثم كاد انتشارها يضعف مع الموحدين، غير أن مجيء المرينيين جعلها تتبوأ المشهد الديني.
حيث استقر أولا في إفريقية، وامتد إلى الأندلس ومن هذه إلى المغرب الأقصى، فظل هذا المذهب متعايشا مع مذاهب أخرى حينا ومتصارعا معها حينا آخر إلى أن أمسك المرابطون بزمام حكم المغرب إبان القرن 5هـ/ 11م، فجعلوا من المذهب المالكي مذهبا رسميا لدولتهم، لكن هذا المذهب ارتبط خاصة بالحكام المرابطين وأعوانهم من الفقهاء الأندلسيين، ثم بدأ ينتشر شيئا فشيئا في البلاد لاسيما في الحواضر الكبرى بدأ من العاصمة مراكش والحواضر التي عرفت هجرات أندلسية (فاس)، أو كان لها اتصال وطيد بالأندلس (سبتة). ومع ظهور الموحدين في المشهد السياسي، فتح قوس ضعف فيه زخم انتشار المذهب المالكي في المغرب وتراجع شيوعه، ثم أغلق هذا القوس مع وصول المرينيين إلى الحكم، فارتبطت دولتهم بعودة المذهب المالكي إلى المشهد الديني. لا يبدو أن المرينيين كان لهم تصور بشأن المذهب الذي ستتبناه دولتهم لاسيما أنهم لم يكونوا أصحاب مشروع إصلاحي، وإن كان “روجي لوتورنو” (Roger Le tourneau) يرى أن بني مرين، وهم الذين لم يخضعوا عمليا لحكم الموحدين، كانوا على مذهب مالك، واستمروا عليه بعد أن مسكوا بزمام الأمور، بل عملوا على نشره أثناء اكتساحكم لشمال المغرب، وهذا رأي يحتاج إلى مادة مصدرية تسنده.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 137 من مجلتكم «زمان»