ربط حزب الاستقلال، في البوليميك السياسي، بطابع عائلي معين. في حين اهتم بعض الدارسين بتأثير البورجوازية الوطنية في نشأته وتطوره. فهل يطابق الواقع هذه الفرضيات؟
مثل حزب الاستقلال أساس الحركة الوطنية، واستطاع الحفاظ على وجوده واستمراريته، بعد تحقيق الاستقلال، ورغم الانشقاق الذي هز كيانه. معه قطع المغرب شوطا نحو الحداثة، لمجرد ظهوره في صورة حزب عصري، يخترق حدود القبيلة أو الزاوية أو العشيرة. لفترة معينة، كاد الحزب يطابق الوطن، أو أغلبية الأمة، إذ هو التعبير الجامع لكل فئات وأفراد الشعب المغربي المطالب بعودة السلطان الشرعي واستقلال البلاد. لذلك حاولت الحماية الفرنسية، حتى آخر رمق، الطعن في تمثيليته لمجموع الأمة المغربية، كما طعنت في شرعية محمد بنيوسف. فقيل إنه لا يمثل سوى أقلية قليلة في المدن، بينما أغلبية الشعب “البربري” غير معني بما يمثله الحزب من شعور وطني وطموح استقلالي. ثم قيل إنه لا يمثل سوى جانبا من الوطنيين “المتشددين”، مقابل وطنيين آخرين “معتدلين”، بل وفرض الفرنسيون على المفاوضين المغاربة أن لا يرأس الحزب أول حكومة وطنية ممهدة للاستقلال، ولا يسيطر على تشكيلتها. بعد إلغاء عقد الحماية، قيل إنه حزب “فاسة”، كما في التعبير الدارج كناية على نخبة حضرية معينة، تريد من خلاله احتكار الوطنية وتبرير الاستئثار بمنافع الاستقلال على حساب البادية، وقد شكل هذا التوصيف شعارا أساسيا للحركة التمردية في تافيلالت والحزب الناشئ، عمليا، على أنقاضها تحت اسم “الحركة الشعبية”. كما ظهر في سياق انتفاضة الريف، رغم العلاقات الحميمية بين قادة هذه الانتفاضة وشخصيات وطنية من نخبة فاس وسلا، في حزب الشورى والاستقلال.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 40 من مجلتكم «زمان»