كما كان الحال في المغرب، مثلت قضية تعريب التعليم قضية جوهرية للنخب السياسية والفكرية في الجزائر وتونس في دول ما بعد الاستقلال، ونظر إلى التعريب كرد فعل حضاري ضروري للتخلص من إرث الاستعمار. فبماذا تميزت تجارب تعريب التعليم في تونس والجزائر؟ وما هي المراحل التي قطعتها؟
تميزت منطلقات تجارب تعريب التعليم في المنطقة المغاربية بنوع من الخصوصية، إذا ما قورنت بالتجارب المشرقية في المجال ذاته. فبغض النظر عن الجانب التقني المحض أو المفاهيمي والتباينات بين التجربتين، فإن التعريب في المنطقة المغاربية كان يعني بالنسبة للمدافعين عنه قضية معنوية ونفسية ومصيرية. لذلك، حاولت هذه التجارب في المغرب وتونس والجزائر إحلال اللغة العربية مكان الفرنسية بشكل شامل في جميع مناحي الحياة وخصوصا المدرسة. أو على الأقل، هكذا فكرت في البدايات بغض النظر عن المآلات، بينما انطلقت التجارب في الشرق من فكرة أكثر بساطة وهي ترجمة العلوم والفنون وباقي المعارف الإنسانية من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية.
عطفا على ذلك، ارتبطت فكرة التعريب في الفضاء المغاربي في دول ما بعد الاستقلال ارتباطا وثيقا بمفهوم التحرر وبناء الشخصية الوطنية واستعادة الهوية العربية الإسلامية وتحصين الدولة الحديثة من الاستعمار الثقافي الذي تمثله لغة المستعمر. فتلك اللغة الأجنبية أي الفرنسية، التي ظلت حاضرة بقوة بعد خروج الاستعمار العسكري، تمثل أداة هيمنة واستعمار جديد يجب التخلص منها ومحاربتها، وبالتالي العودة إلى الأصل، ولا سبيل إلى ذلك سوى التعريب الشامل. يتعلق الأمر، إذن، بنوع من رد الفعل الحضاري.
لا يمكن فصل سردية حتمية وضرورة التعريب عن سياقاتها السياسية، فهي وليدة خطاب الحركة الوطنية المغاربية المناهضة للاستعمار، سواء في تونس أو الجزائر أو المغرب.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 66 من مجلتكم «زمان»