ما تزال ساكنة واحة سكورة في الجنوب المغربي تحافظ على طقس أسطوري مارسه الأجداد قبل مجيء الإسلام. يقوم الطقس على الطواف بالفتاة العروس «تَاسْلِيتْ» في موكب نسائي طمعا في نزول الغيث.
تكاد ترجع أغلب أساطير المجتمعات البشرية القديمة أصل الكون والحياة وجميع أصناف المخلوقات إلى الماء، والتي تعبر عنها داخل قوالب معرفية أسطورية شائعة الصدى منذ القدم، كأشكال من المعتقد والموروث الشعبي المتصل بالماء، وتترجمه كمضامين دالة على موضوع المقدس والخصوبة والحياة والموت، خصوصا أنه كان موضوعا للعبادة، عبر طقوس تبجيل وتقديس آلهة الماء، التي تتعدد ما بين آلهة البحار وآلهة الأنهار، وآلهة الآبار والمغارات المائية إلى غير ذلك من المجالات المائية المقدسة، التي لا زالت تحظى بنفس التمثل المُقدس لهذا المورد، ولمنابعه ورموزه الأسطورية القديمة عند الساكنة الأصلية القبلية بواحة سكورة.
تعود فترات تقديس الموارد المائية ومنابعها في بلدان شمال إفريقيا، حسب عدد من كتابات المؤرخين، إلى مرحلة ما قبل التاريخ، فهذه المادة شكلًت للإنسان السكوري، مادة للتقديس وللممارسة الطقوسية التي ارتبطت بمفهوم «المقدس» وصوره داخل الفضاء الثقافي والاجتماعي الواحي العام بسكورة. إذ يُحتفى بمجالات العيون كأمكنة للتبرك والتشافي من «العقم» ومن «السحر»، ويتم توظيفها كمزارات من لدن النساء طمعا في الزواج والإنجاب وفك قيود «النًحْسْ» أو «التْقَافْ» إلى غير ذلك من الأشكال الممارساتية التي تترجم بنية ذهنية الإنسان الواحي، وهي زاخرة بطقوس الزيارة والتبرك.
يَعتبِر الباحث الفرنسي روني باسيط، أن المطر، أو «أَنْزَارْ» (باللغة الأمازيغية)، تَم تشخيصه واعتباره كائنا مذكرا في العديد من المناطق القبيلة المغاربية وبالخصوص المغرب والجزائر، أمازيغية كانت أم عربية، وأنه كان يُنظر من طرف سكان هذه المناطق إلى «قوس قزح» على أنه عروس للمطر.
حنان حمودا
تتمة المقال تجدونها في العدد 27 من مجلتكم «زمان»