تعود أولى بوادر المقاطعة في تاريخ المغرب إلى القرن الـ16. “زمان” تعرج، معكم، “كرونولوجيا” على أشكال المقاطعة التي عرفتها البلاد، والتي جسدت إحدى وسائل المقاومة والاحتجاج على الأوضاع السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية.
يشهد المغرب “ثورة اقتصادية”، لم يسبق أن عرفها بهذا الشكل. إذ دعا رواد افتراضيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى حملة مقاطعة لبعض المنتجات الاستهلاكية، بسبب “غلاء الأسعار”، مما دفع الحكومة إلى التفاعل مع هذه الحملات الاحتجاجية. اللافت أن المقاطعة يُبْتَغى منها إرغام الطرف الآخر للإذعان لطلب ما، كأن يستجيب المتحكم في شيء ما لطلب المقاطعين والمحتجين عليه. بهذا الشكل، دأب المغاربة عبر تاريخهم، الوسيط والمعاصر، وصولا إلى الراهن، إلى مثل هاته الوسائل. وكان لهم باع في اتخاذ “المقاطعة” شكلا احتجاجيا، يشمل الامتناع عن تداول المواد الغذائية والاستهلاكية، التي تمت بصلة بالاستعمار أو الاستبداد الأجنبي. وبالرجوع إلى تاريخ المغرب، فالمقاطعة ليست حديثة، أي أنها سبقت فترة الزعيم الهندي التاريخي الماهاتما غاندي وقصة “بويكوت” بعدة قرون. ورغم أن مصطلح “المقاطعة” لم يرد في أغلب الكتب والمخطوطات، ولم تتناقله الأحداث التاريخية بهذا اللفظ، إلا أن الامتناع عن التعاطي مع الشيء كان حاصلا، بما فيه الامتناع عن استهلاك البضائع والسلع الأجنبية، كشكل احتجاجي ضد “سياسة” الطرف الآخر.
ظهرت البوادر الأولى للمقاطعة في العصور الوسطى من التاريخ المغربي، وذلك ابتداء تقريبا من الفترة المرينية، إذ كانت هناك احتجاجات وتمردات (على شكل مقاطعة)، لكنها «انحصرت في قرية أو رقعة جغرافية صغيرة، إذ كان الناس أحيانا يقاطعون المساجد، لعدم اتفاقهم مع الإمام، أو تقاطع بعض المدن سلعا محددة يشتبه في احتوائها على “محرمات” (كلحم الخنزير، أو الكحول..)»، وفق نبيل ملين، المتخصص في التاريخ السياسي للمغرب.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 56 من مجلتكم «زمان»