لجأ الحكام، في العصر الوسيط، إلى إحداث سجون لمعاقبة الخارجين عن الأعراف و”المنتزين عن الحكم”، أو من يعرفون اليوم بـ”السجناء السياسيين”.
يعد السجن أحد أنواع العقوبات التي عرفها مغاربة العصور الوسطى، إلى جانب عقوبات أخرى من قبيل النفي والتغريب والتشهير والتطويف. كما تعددت أساليب العقاب وتنوعت بين الضرب والتعذيب وسمل العيون وبتر الأعضاء، وصولا إلى القتل بشتى أساليبه وأصنافه.
جغرافية السجون
يجهل تاريخ ظهور أول سجن في مغرب العصر الوسيط، لكن الثابت أن السجون انتشرت في مدن مغربية عدة من مثيل فاس وأغمات ومراكش وتينمل ومكناسة وسبتة وتطوان وطنجة وأزمور وسجلماسة وأنفا ورباط الفتح ووجدة وتازة والمنصورة وأكوز وغيرها. كما أحدثت في مجالات ريفية من نظير السجن الذي أقامه المهدي ابن تومرت بموضع يقال له فم أغبار. و«يبدو أن جغرافية السجون تحكمت فيها اختيارات متصلة بالتوازن السياسي للعصبيات التي حكمت المغرب الوسيط». يمكن التمييز، مبدئيا، بين سجناء «الحق العام» والسجناء «السياسيين» إذا جاز التعبير. وتبعا لذلك، يمكن التمييز بين نوعين من السجون، نوع كان يشرف عليه القاضي مخصص لـ«سجناء الحق العام»، وآخر كان من اختصاص السلطان يودع فيه «السجناء السياسيون». وبالنظر إلى أن المادة التاريخية الكلاسيكية ارتبطت بالحكام، فإن المعطيات عن النوع الثاني من السجن تبدو أكثر حضورا مما هي عليه بالنسبة للنوع الأول. تضم متون تاريخ المغرب خلال العصر الوسيط معطيات مهمة وأسماء لـ«سجناء سياسيين»، تجمع بين وضعياتهم قواسم مشتركة، خاصة بالنسبة للمنتزين عن الحكم، وفي مقدمتها التعذيب الجسدي والنفسي.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 56 من مجلتكم «زمان»