في أواخر القرن الـ19، انتقض أولاد زيد ضد القايد عيسى .وفي خضم تلك الأحداث، ظهر صوت نسوي يحمس رجال القبيلة ضد القايد. غير أن نهاية خربوشة أو الشيخة ”حويدة” لم تكن أقل مأساوية من نهايات أبناء القبيلة.
كثير من الملامح والبطولات الشعبية، تتخذ صورا يتناقلها الخيال المغربي مع مرور الزمن، ليحولها إلى أسطورة، قد لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وتأتي في مقدمتها ملامح وبطولات البادية المغربية، التي اختزنتها الذاكرة الشعبية، وتناقلتها عبر الأجيال لتصبح فيما بعد جزءا من “رمزيتها التاريخية“. وقد تناولت الذاكرة الشعبية تلك البطولات بالخيال والمبالغة، وأخرجتها من مجال التاريخ والحقيقة إلى نطاق الخيال والأسطورة. ورغم ما قد تحمله هذه الأسطورة من صور المبالغة والحوادث الخيالية المصطنعة، فإنها مع مرور الزمن تدخل في ذاكرتها، وتصبح بمثابة الملهم الذي تستلهم منه باقي البطولات. وأسطورة «خربوشة»، التي احتفظت بها الذاكرة الشعبية، تحيل على ذلك.
اتخذت «خربوشة» أشكالا ومظاهر أسطورية داخل مجال الزمان والمكان، والجدير بالملاحظة أن رمزية «خربوشة» ارتبطت بعنصرين أساسين هما، أولا جدارة المرأة المغربية والموقع الأساسي والريادي الذي كانت تحلته داخل مجال
المجتمع القروي. وثانيا، دور الكلام «الملحون والموزون» بأشكاله المختلفة بما فيه الشكل الفني الغنائي «كالعيطة والملحون» وقدرته على تعبئة الأفراد لمناهضة كل أنواع التسلط والقهر الذي كانت تمارسه السلطات المتحكمة والحاكمة. وهو غالبا ما يكون تعبيرا شفويا غير مكتوب وغير مدون، وقد انمحى أو تلاشى الكثير من صور هذه البطولات أو الملاحم، والتي لم نعد نعرف عنها شيئا إلا بالرجوع لما تختزنه المصادر التاريخية من وثائق وسجلات، أو ما تختزنه الذاكرة الشعبية الجماعية .
المصطفى فنتير
تتمة المقال تجدونها في العدد 29 من مجلتكم «زمان»