حين وُلِد محمد بن يوسف كان أميرا كالآخرين، بعيدا عن الدائرة الضيقة داخل النظام. وعندما رأى النور، يوم 10 غشت 1909، كان والده مولاي يوسف، أحد الأبناء الكثيرين للسلطان مولاي الحسن الأول (1873-1894)، خارج صراعات مختلف الفاعلين في تاريخ المغرب حول الحكم، بل إن مولاي يوسف نأى بنفسه عن الحرب بين “الأخوين العدويين” مولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ. غير أن العرش سيأتي إلى مولاي يوسف في الرباط، حيث كان يقيم بالمدينة العتيقة في دار متواضعة. إذ غداة فرض الحماية الفرنسية، وقع الاختيار عليه بعدما تم دفع مولاي عبد الحفيظ إلى التنحي.
وحين انتقل مولاي يوسف إلى المشور السعيد للعيش في القصر الملكي، في عام 1912، ظل سيدي محمد خارج الأضواء وبعيدا عن دائرة المرشحين للحكم، على اعتبار كونه الابن الرابع من حيث الترتيب. لكن المفاجأة حدثت مرة أخرى، وجيء بسيدي محمد ليجلس على العرش بعد وفاة والده في عام 1927.
حتى سنوات الأربعينات من القرن الماضي، ظل السلطان الشاب محمد بن يوسف متحفظا في الحكم، وحريصا على عدم الدخول في مواجهات مباشرة مع سلطات الإقامة العامة. خلال المنتصف الثاني من الأربعينات، مال إلى دعم الحركة الوطنية، قبل أن يدخل في صراع مفتوح مع الفرنسيين ابتداء من الخمسينات، انتهى بنفيه إلى جزيرة مدغشقر في عام 1953، وبعد عودته سنة 1955، فتح طريق التحرر، وأصبح “أب الاستقلال”، وأطلق عبارته الشهيرة: “لقد عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، غير أن القدر لم يمهله طويلا، إذ عاجلته المنية في فبراير 1961، بسبب مضاعفات عملية بسيطة.
أي نتيجة
View All Result