وجد سكان مدينة مكناس، بعدما حرمتهم سلطات الحماية من مياه بوفكران في أواخر ربيع 1937، مضطرين إلى مراسلة السلطان محمد بنيوسف، ملتمسين منه التدخل لوضع حدد لشطط المعمرين، “وحتى لا يموتوا بالعطش وتتعرض أراضيهم للجفاف”.
اختار المكناسيون إيصال صوتهم إلى القصر الملكي بالرباط عبر عريضة، كتبوها يوم 16 يونيو 1937، وحملت توقيع 1500 شخص. ضمَّن محررو العريضة احتجاجات أهل مكناس والنواحي ضد سلسلة من التشريعات، أصدرتها الإقامة العامة، تمنح امتيازات تفضيلية للمعمرين في سقي أراضيهم على حساب الفلاحين المغاربة. وقد كان أول التشريعات يرخص بتحويل مجرى مياه واد بوفكران، التي ظلت تغذي لقرون الأراضي الخصبة في مكناسة الزيتون ونواحيها. لكن مع توافد المعمرين على المنطقة وإطلاق المشاريع الفلاحية الكبرى، أصبح الماء عملة نادرة و”عصب الحرب”. وتجدر الإشارة إلى أن الموارد المائية في تلك المنطقة كانت تتمتع بوضع خاص، موروث منذ عهد السلطان العلوي مولاي إسماعيل، إذ كانت خاضعة لنظام الأحباس.
لم تكن سلطات الحماية تتوقع أن يثير تحويل مياه بوفكران غضب الناس، ويصل الأمر إلى مواجهات، كانت خفيفة في المرة الأولى، لكنها بدأت تتطور يوما بعد يوم، إلى أن تفجرت إلى ما عُرِف بـ”انتفاضة بوفكران” أو “كَيرة الْما” يوم 2 شتنبر من نفس السنة، والتي تعرض فيها وطنيو مكناس الأوائل للقمع والاعتقال، فيما قُدر عدد الضحايا بحوالي 20 متظاهرا.
أي نتيجة
View All Result