اشتهر السلطان مولاي الحسن الأول (1873-1894) بتنقلاته الكثيرة عبر المغرب، طولا وعرضا، إلى درجة أن الكثيرين كانوا يشيرون إليه بـ”السلطان الذي كان عرشه على ظهر جواده”. كان لا يكل ولا يمل من القيام بـ”حَرْكات ومْحَلاّت” عبر مختلف المناطق المغربية، مرسخا مُلْكه ومؤدبا قبائل “بلاد السيبة”.
يوم 29 يونيو 1893، قرر السلطان، الذي لا يعرف التعب، القيام برحلة تعتبر الأهم في تاريخ حكمه. انطلق على رأس 30 ألف رجل، وغادر فاس في اتجاه مراكش، التي وصلها بعد بضعة أشهر، بعدما عبر منطقة الأطلس المتوسط المشتعلة، وسهر بنفسه على تهدئتها.
في صيف 1894، قرر السلطان التوجه إلى الجنوب لتأديب القبائل المتمردة في تافيلات التي وصلها بصعوبة. هناك، بدأت صحته تتضعضع، في شروط زادتها صعوبة ظروف الحملة العسكرية. وسرعان ما أسلم الروح في “أرض معادية”. لحساسية الحدث، سُمِح فقط لعبيده والصدر الأعظم با حماد بالدخول إلى خيمة الراحل. حينئذ، تعاهدوا على إبقاء الأمر سرّاً حتى لا يثير موت السلطان زعزعة الجيش واستغلاله من طرف القبائل المعادية للهجوم. في تلك الأثناء، أمر با حماد برفع الخيام، ومغادرة عين المكان بترديد عبارة “الله يبارك في عمر سيدي” لإيهام الخلق بأن السلطان ما يزال حيا يُرزق، والمضي قدما في اتجاه الرباط. بمجرد وصولها، بعد أسابيع، ولأن الأعراف تقتضي ألا يدخل أي جثمان القصر، تم فتح فوهة في أحد أسواره، وليرقد مولاي الحسن الأول في مثواه الأخير، ثم إعلان وفاته رسميا.
أي نتيجة
View All Result