شغلت عودة الخدمة العسكرية بلغة السلطة أو التجنيد الإجباري وفق التداول الشعبي، في شتنبر 2019، المغاربة وتصدرت أخبارها عناوين الإعلام بمختلف أنواعه.
بدا الحدث جديدا على الشباب المعنيين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 و25 سنة، وأغلبيتهم الغالبة لا تعرف أن الكثير من سابقيهم عاشوا نفس التجربة، بعد عشر سنين عن استقلال المغرب. والحال أن المرسوم الملكي القاضي بإحداث وتنظيم الخدمة العسكرية يعود إلى 9 يونيو 1966.
حدد المرسوم سن التجنيد “في 18 سنة، غير أن المفروضة عليهم الخدمة العسكرية يمكن استدعاؤهم بصفة انتقالية إلى غاية سن الثلاثين لسد حاجيات الأفواج الأولى”، موضحا أن الهدف من فرض الخدمة العسكرية “في مدة معينة وفي أحوال محددة هو: أولا، تكوين المواطن المغربي تكوينا أساسيا يستطيع معه أن يقوم بواجب الدفاع عن حوزة وطنه في جميع الظروف وبصورة فعالة. وثانيا، تكوين هذا المواطن تكوينا فنيا ومهنيا من شأنه رفع مستواه الاجتماعي وتأهيله إلى المساهمة في النمو الاقتصادي للبلاد”. جاء المرسوم بعد أكثر من سنة عن أحداث الدار البيضاء التي فجرتها احتجاجات شبابية غاضبة، تخللتها أعمال عنف، وذهب ضحيتها كثيرون. وبينما اعتبرت المعارضة فرض الخدمة العسكرية محاولة من النظام لـ”كبح جماح الشباب المتطلع إلى الحرية والتغيير”، كان الحسن الثاني قد استبق كل التأويلات، وشدد على أن الأمر يستهدف رقي وتطوير الشعب. “إن الاهتمام الذي كان ولا يزال رائدنا في التدرج بأفراد شعبنا إلى مدارج الرقي وجعلهم شاعرين بالمسؤوليات التي يجب أن يضطلعوا بها بوصفهم مواطنين أحرارا في وطن مستقل، أن هذا الاهتمام لهو الذي يدعونا إلى قطع مرحلة جديدة في مجال التطور والرقي”، يقول الحسن الثاني في تصديره للمرسوم. ظلت الخدمة العسكرية معمولا بها لسنوات، غير أنها لم تصل، أبدا، إلى حال الدول الشمولية التي كانت تجعل منها ركنا ثابتا في التربية الوطنية. في المغرب، كان يُسْتَدعى البعض ويُعفى آخرون، استجابة لإرادة “المخزن” أو لرغبات العائلة.
في بداية النصف الثاني من عشرية القرن الحالي، تقرر إلغاؤها في صمت، قبل أن تعود في مطلع العام الماضي تبعا لظهير شريف وقعه، بالعطف، سعد الدين العثماني رئيس الحكومة.