قصة انضمامه إلى منظمة “إلى الأمام” الماركسية غريبة جدا لأنها تمت بسرعة قياسية. لم يكن عبد الله زعزاع يعرف أن اختياراته السريعة هاته، التي لم يكن قد أخذ وقتا طويلا لإنضاج شروطها، ستقوده ليصبح أحد أبرز المطلوبين للبوليس السياسي خلال سنوات الجمر والرصاص، ولقضاء عقد ونصف من عمره محروما من حريته. في هذا الحوار الذي خص به مجلة “زمان”، يعود المناضل اليساري عبد الله زعزاع إلى تجربته النضالية، انطلاقا من محاولاته الأولى في العمل النقابي داخل المكتب الوطني للكهرباء، وانضمامه الذي كان صدفة إلى منظمة “إلى الأمام” الراديكالية، وصولا إلى تحمله مسؤولية مقرات الإيواء السرية لمناضلي وقياديي المنظمة. كما يحكي عن الكمين الذي نصب له يوم اعتقاله، ومكابدته المريرة للصمود في وجه ما كان جلادو درب مولاي الشريف يقترفونه في حقه من تعذيب حتى لا يخون ثقة رفاقه ممن لم يعتقلوا بعد. كما يتحدث زعزاع عن محاولاته في الصحافة وفي الانتخابات بعد الخروج من السجن.
بداية، حدثنا عن نشأتك وطفولتك؟
أنا من مواليد الصخور السوداء في الدار البيضاء سنة 1945، كان هذا الحي في ذلك الوقت مأهولا بالفرنسيين والإسبان والإيطاليين بينما كنا نحن المغاربة أقلية وكأننا غير موجودين. وقد كنا نقطن أنا وعائلتي في بيت قصديري حصل عليه والدي بحكم عمله كحارس، وهذه ليست المهنة الأولى لوالدي فقد سبق أن اشتغل عطارا ثم فلاحا.
غادرت عائلتي منطقة أولاد فرج في دكالة في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، ثم انتقلت إلى أولاد سعيد في الشاوية قبل انتقالها إلى الدار البيضاء سنة 1936، وهناك ولدت أنا وأخي الآخر. ولتحسين ظروف العائلة بدأ إخوتي بمن فيهم البنات بالعمل، وقد استمر هذا الوضع إلى غاية سنة 1953 حيث قررت العائلة اقتناء قطعة أرضية والعودة إلى دكالة، فيما بقيت في الدار البيضاء مع أخي محمد لاستكمال دراستي، وكذلك كان… هذه بداية قصتي مع الدار البيضاء التي درست فيها وتعلمت فيها وناضلت فيها، وما تزال تسكنني وأسكنها إلى اليوم.
ماذا تتذكر عن مراحل دراستك الأولى؟
لقد درست في المدرسة الفرنسية، وأتذكر أنه رغم الصدى الذي أصبح لحركة المقاومة في الخمسينات لم تطرح لنا أي مشاكل مع الأساتذة الفرنسيين، لكن في المقابل كان المشكل يحدث مع التلاميذ الفرنسيين الذين كان بعضهم عنصريين ويستفزوننا من خلال رفع شعارات من قبيل: «عاش بن عرفة»، «يسقط بن يوسف»، ومن بين ما أتذكره كذلك أنني كنت متعثرا في البداية في اللغة الفرنسية ومجتهدا في الحساب. وبعد استقلال المغرب درست في المدارس الحرة وهناك تعلمت العربية.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 73 من مجلتكم «زمان»