في كل مرة يتكرر النقاش المجتمعي حول هوية المغاربة وجذورهم الحقيقية، فما بين الأمازيغية والإفريقية والمورية والأندلسية ثم الإسلامية… تسعى كل فئة إلى فرض معتقداتها وتمجيد أصولها وتاريخها. هذه القضايا وما ترتب عنها من إشكاليات، يحللها الباحث سعيد بنيس في حواره مع مجلة “زمان”.
في نظرك، لماذا يتكرر في كل فترة النقاش حول الهوية المغربية وسؤال ”من نحن”؟
يتكرر النقاش حول الهوية لأنها تشكل عنصرا من عناصر الاستمرارية المجتمعية، وتساعد على ضبط إيقاع المشروع المجتمعي .كما تشكل تمظهرات الهوية ركيزة من ركائز العيش المشترك والحجر الأساس لتعميق الرابط الاجتماعي. فالاختلال في التمثلات الهوياتية يمكن أن تنتج عنه ردة اجتماعية قد تؤدي إلى التنافر وانتشار خطاب الكراهية وإعادة النظر في مقولة “من نحن“ والتي تنتج عنها حتما انهزامية هوياتية تنعكس من خلال تعبيرات من قبيل “ﯕنس كحل“، و“كحل الراس“، و“عريبان“، و“المراركة“، “والحگارة“… ونزوعات الهجرة والنزوح والحريك إلى الخارج.
كيف تنظر السوسيولوجيا إلى قضية الانتماء ..وبالنظر للظواهر الاجتماعية والتاريخية في المغرب، هل يمكن الحديث عن ”حق الانتماء “و”حق عدم الانتماء”؟
عوض الحديث عن حق الانتماء أحبذ الحديث عن الشعور بالانتماء؛ لأنه لا أحد يمنعك من الانتماء، فالانتماء شعور وممارسة فردية تقود إلى تعميق ممارسات التفرد والوحدة من خلال ثلاثية التملك والترصيد والتمكين الهوياتي الرمزي (الإنسان والتاريخ والحضارة والثقافة واللغة والتعايش…)
والمادي (الجغرافية والتراب والجهات والمجالات). فالظواهر الاجتماعية والتاريخية يمكن أن تكون محددات لتقوية الانتماء، أو على العكس محفزات على التشظي والتنافر وهي أساسا ترتبط بمقولة المواطنة كشعور وحقوق وواجبات في ارتباطها باستيفاء شروط العيش الكريم والاستجابة للحاجيات المادية وغير المادية. لهذا، فالشعور بالانتماء من وجهة نظر السوسيولوجيا في علاقته بالظواهر الاجتماعية والتاريخية في المغرب يمكن أن يربط بثنائية الانسجام الهوياتي أي الانتماء لفضاءات مفتوحة (العالم وإفريقيا والمغرب الكبير والشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمتوسط) والانتصار الترابي والثقافي للحدود الجغرافية للمملكة المغربية، واعتبار مقولة تمغربيت كأفق لهذا الانتصار الترابي.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 92 من مجلتكم «زمان»