لا يخفى على أحد ما يحتله عقبة بن نافع من مكانة متميزة في مخيال المغاربة، بفعل السردية التاريخية التي تلقن في المدارس، والاحتفاء البالغ بهذه الشخصية من خلال إطلاق اسمه على الشوارع والمؤسسات المختلفة، فهل حقا كان عقبة بن نافع أسطورة كما تصوره هذه الروايات؟ أم أنه لا بد من الوقوف على روايات أخرى للوقوف على الحقيقة أو جزء منها؟ وهل كان عقبة من الصحابة أم من التابعين؟ وهل كان رجلا صالحا مجاب الدعوة فاتحا؟ أم أنه كان قائدا عسكريا طاغية سفاحا يسفك الدماء ويسبي النساء والأموال؟ وهل دخل بلاد المغرب الأقصى أصلا أم أنه توقف على حدود بلاد جبال الزاب بالمغرب الأوسط؟
ذهب كثير من المتأخرين إلى أن عقبة بن نافع كان رجلا من الصحابة الذين عاشوا زمن النبي، فذكر صاحب “المختصر في أخبار البشر“ في حديثه عن أحداث سنة تسع وأربعين وسنة خمسين: «فيها بنيت القيروان، وكمل بناؤها في سنة خمس وخمسين، وکان من حديثها أن معاوية ولى عقبة بن نافع إفريقية، وكان عقبة المذكور صحابياً من الصالحين».
نسب ابن الوردي عقبة بن نافع إلى الصحابة، فقال في حديثه عن مدينة القيروان: «بناها عقبة بن نافع الصحابي عامل معاوِية على إفريقية». وذكر ابن الأثير في “تهذيب الأنساب“ أن له صحبة فقال: «عقبة بن نافع الفهري له صحبة». كما اعتبره صاحب كتاب “المسالك والممالك“ صحابيا في قوله: «عقبة بن نافع صاحب رسول لله». وهو نفس ما أكده صاحب كتاب “مرشد الزوار إلى قبور الأبرار» اعتمادا على ذكر ابن عبد البر إياه في كتابه حيث قال: «وهو عقبة بن نافع بن فهر بن مالك، ولاه إفريقية – ذكره عبد البر – وهو من أعيان الصحابة، دخل مصر واختلط بہا، ثم خرج منها غازيا، فقتله البربر سنة 63 من الهجرة». بل نسب بعضهم إلى النبي أنه «رأى كأنه في دار عقبة بن نافع، فجاء إليه برطب يسمَّى «طابا» وهو نوع معروف بالمدينة فأولتها الوقعة».
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 125 من مجلتكم «زمان»