حظي مفكرون سوريون، من أمثال تيزيني وجلال العظم وطرابيشي وأدونيس، باهتمام كبير من طرف الشباب المغربي المثقف والمناضل ابتداء من نهاية السيتينات…
قبل أن يبدأ محمد عابد الجابري في التفكير في الكتابة في موضوع التراث، كانت بعض الكتب تستحوذ على عقول الطلبة في الكليات المغربية. ولعل الحديث عن الكليات هنا قد يبدو مبالغاً فيه، إذ لم تكن هناك إلا كليتان للآداب في الرباط وفاس، إضافة إلى كلية الحقوق في الدار البيضاء. نشير هنا إلى الكليات التي كان طلبتها يهتمون بالعلوم الإنسانية والفلسفة. هذه الكتب كانت تأتي من الشرق، وتميزت عن الترجمات الماركسية التي كانت تصل من موسكو أو بكين عن طريق بغداد، وبيروت، ودمشق .في نهاية الستينات وبداية السبعينات، بدأ ما يمكن تسميته بالفكر المغربي الحديث بالتشكل. كانت الفلسفة قد عُرِّبت بسرعة بهدف إزاحة اللغة الفرنسية من الجامعة والثانويات، ولم يكن الإنتاج الفكري المغربي قد ظهر بعد بشكل واضح في السوق .ورغم تداول كتب محمد عزيز الحبابي، سواء بالعربية أو الفرنسية، إلا أنها لم تلقَ اهتماماً كبيراً من الشباب، الذين كان أغلبهم ذوي توجه ماركسي. إذ انتقدوا هذه الأعمال انطلاقاً من الأدبيات الفرنسية الرائجة حينها، والتي ركزت على نقد الوجودية السارترية والتحول نحو الماركسية النضالية .أسهم تعريب الفلسفة في فتح الباب أمام البحث في التراث العربي عن نقاط تقاطع مع الفكر الماركسي. لم تكن هذه الأفكار وليدة الصدفة، إذ استلهمها مفكرون فرنسيون وأوروبيون كانوا يبحثون في التراث الفلسفي اليوناني عن مظاهر الفكر المادي فيه .نُشرت آنذاك كتب تناولت أبيقور وفلاسفة آخرين، واعتبرتهم ماديين مقابل فلسفات أفلاطون التي كانت توصف بالمثالية. في هذا السياق، حظي مفكرون عرب، وخصوصاً سوريون، كانوا قد انتبهوا لهذه القضية وبحثوا فيها، باهتمام كبير من طرف الشباب المغربي المثقف والمناضل على حد سواء.
موليم العروسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 136 من مجلتكم «زمان»