لم تجد الدعوة الوهابية عند ظهورها موطئ قدم وترحاب في باقي البقاع الإسلامية. لكنها لقيت إعجابا في المغرب، وبالأخص من طرف السلطان مولاي سليمان.
لم تجد الدعوة الوهابية عند ظهورها في منتصف القرن الثامن عشر، أي ترحيب لانتشارها، لما شكلته من إزعاج سياسي وديني للامبراطورية العثمانية. لكنها بالمقابل، وجدت نفسها مرحب بها من طرف السلطان المولى سليمان، حيث أبدى تعاطفه مع أفكارها. هذا الترحيب لم يرق لجميع علماء المغرب، بل لقيت الدعوة الوهابية تصديا شديدا، لا سيما مع سيادة الفكر الصوفي والتشبث بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية بالمغرب.
كانت للوهابية مواقف دينية معارضة تجاه التبرك بالأولياء وزيارة الأضرحة وما شابه ذلك مما درج عليه الإسلام المغربي. لكن عداء علماء المغرب تجاهها، نبع لما وصلتهم أخبار الحجاج المغاربة الذين تعرضوا للمنع من زيارة قبر الرسول من طرف أتباع الوهابية، حيث سلبوهم متاعهم بل وقتل بعضهم. فضلا عن الخلاف العقدي الكبير بين المتصوفة وأتباع محمد بن عبد الوهاب.
بالرغم من ذلك، فقد كان المولى سليمان معجبا ببعض الأفكار الوهابية، والتي رأى فيها جانبا “إصلاحيا”. كان هذا السلطان يخفي إعجابه في بادئ الأمر، بالتحديد بين سنتي 1803 و1811. لكن لما اشتد عداؤه لبعض الممارسات “البدعية المنافية للسنة” بحسب نظره في المغرب، أمر بإزالة بعض الأضرحة ومنع الاحتفالات بالمواسم.
وبعد استئناف الحج في سنة 1912، بعث المولى سليمان ولده، مولاي إبراهيم، على رأس ركب الحجاج صحبة وفد من العلماء حاملا رسالة يعبر فيها عن حسن نيته تجاه الدعوة الوهابية. قال في رسالته: “لقد سرنا ما بلغنا عنكم من سيرتكم وشيمكم وأحوالكم من الزهد في الدنيا وإحياء رسوم الدين والحض على طريق السلف الصالح”. لكنه لم يغفل إبداء رأيه في نفس حول اختلافه الفقهي معهم.
لم يسلم المولى سليمان من الانتقاد، ولو بشكل غير مباشر، من طرف العلماء، ووجهوا اللوم له ولكل من ساعده في التواصل مع الوهابيين والتعبير عن إعجابه بهم.
(للتوسع في الموضوع، انظر كتاب: “المغرب قبل الاستعمار” للمؤرخ محمد المنصور)