تختلف طقوس الزواج في المغرب من منطقة إلى أخرى. وقد اندثر بعضها أو أصبح فلكلورا من مظاهر الزواج.. من بين هذه الطقوس والعادات، التي اشتهر بها المغرب قديما، هي “عملية” خطف العروس ورفض تزويجها.
لا تختلف بعض مراحل الزواج في المغرب كثيرا عن باقي الشعوب في بقاع المعمورة، لا سيما في ما يخص مرحلة طلب العروس. فأغلب الشعوب منذ فجر التاريخ، تشابهت نوعا ما في ضرورة إقدام العريس على طلب العروس من أهلها وقبيلتها. خصص الأنثروبولوجي إدوارك فيسترمارك بعض كتبه للحديث عن “طقوس الزواج في المغرب”، وعن “احتفالات الزواج بمراكش”. يذكر هذا الباحث أنه في بعض مناطق مراكش عندما يأتي أهل الخطيب للبحث والتفتيش عن الخطيبة، “ترمى عليهم الحجارة، أو يقوم رجال ونساء القرية بضرب الخطيب أو اثنين من أصدقائه الذين يرتدون ثيابا مشابهة لما يرتديه. أو أن يقوم أخ الخطيبة أو عمها بخوض معركة صورية معه قبل أن يتمكن من أخذها إلى بيت الزوجية”.
تعبر هذه الطقوس عن رواسب علقت من زمن الشعوب البدائية الأولى. ويذكر الباحث أن بعضها ظل عالقا إلى وقت غير بعيد: وهي أن يقوم والد العروس برفض العريس “لإظهار نبل عائلته”. الأمر الذي كان يدفع بعض العرسان في بعض القبائل إلى عملية تشبه الخطف أو التعارك مع أهل العروس. ويرجح فيسترمارك أن رفض الخطيب تكون له أحيانا دوافع ارتزاقية أو نفعية، أو بغية وضع عوائق لا يمكن إزاحتها إلا عن طريق تقديم هدايا تتناسب مع أهلها.
كانت الخطيبة من جهتها، تبدي شعورا بالحزن على فراق أهلها وقبيلتها. يفسر فيسترمارك أن هذه المقاومة والدموع التي تذرفها الخطيبة، إضافة لمعارضة أهلها، “لا يمكن لها ان تفسر إلا أنها آثار باقية لحالات الزواج القديم القائمة على الخطف والتغرير”.
من جانب آخر، كان الخطيب في مراكش، بحسب فيستمارك، يواجه أحيانا هجوما تشنه كل النساء المحتشدات خارج المنزل. إضافة إلى أنهم يصببن لعناتهن على والد الخطيب والخطيبة في آن معا، “وكأن هذا الزواج يشكل إهانة لا تغتفر لجنسهن”.
بعض الباحثين يفسرون طقوس الزواج، مثلا بإملشيل أنها تعكس تلك الآثار التي خلفتها عمليات الخطف والرفض عبر التاريخ. فالزواج بهذه المنطقة يتأسس على لعبة الخطف في مشهد درامي متفق عليه بين العائلتين؛ حيث يعترض أهل العروس بجرود النخل ويصدون العروس لحظة قدومه. كما تنبني أيضا اللعبة أو هذا الطقس “الصوري” على تواطؤ العروس مع العريس “رغبة منها في التحرر من قيود القبيلة” ولو عن طريق خطفها من ذويها.
كل جميل كان زمان.يا ليث الزمان يعود كما كان فنرجع احباب كما كنا.