رأى مبارك البكاي النور، يوم 18 أبريل 1907، في بركان التي كانت حينها مجرد بلدة صغيرة تعيش في ظل مدينة وجدة. في تلك الفترة، كان المغرب يعيش على شفا حفرة حرب أهلية بين من تبقى من أنصار مولاي عبد العزيز السلطان الجالس على العرش، وبين أنصار شقيقه مولاي عبد الحفيظ الرافضين للاستعمار. كما كانت عيون الفرنسيين ترنو لوجدة الحدودية مع الجزائر المحتلة منذ عام 1830.
لا تتوفر معلومات كثيرة حول وسط البكاي العائلي، غير أن التحاقه بالمدرسة العسكرية “دار البيضا”، التي أسسها هوبير ليوطي في مكانس عام 1918 وجعلها حصرا على أبناء الأعيان، تفيد أنه كان سليل عائلة متميزة في المنطقة. غادر البكاي أسوار المدرسة ليبدأ مساره العسكري على الميدان. وحين أصبح برتبة “قبطان سبسي”، وجد نفسه في ساحة الحرب العالمية الثانية بالأراضي الفرنسية. كان البكاي على رأس كتيبة عسكرية اختيرت لتكون في الصف الأمامي أمام زحف الدبابات الألمانية التي أطلقها جيش الفوهرر، يوم 10 ماي 1940، لاحتلال الشمال الفرنسي.
عاند الحظ البكاي في حرب، ظهر أن موازينها تميل منذ البداية لصالح العدو. في ساحة الوغى، سقط البكاي جريحا ثم أسيرا، ولم يفرج عنه إلا بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار يوم 22 يونيو 1940. هكذا، استسلمت باريس، وانتهت الحرب، وانتهت معها مهمة البكاي في فرنسا.
بعد عودته إلى المغرب، اعتُبر البكاي “معطوب حرب”، ما يعني أنه لم يعد قادرا على حمل الزي العسكري من جديد. ساعتها، اختارت له الإقامة الفرنسية مهنة على المقاس، وعينته قائدا في منطقة بني أدرار، غير بعيد عن مسقط رأسه. وحين وضعت الحرب الكبرى أوزارها، عُيِّن باشا على صفرو باعتباره “خادما وفيا لفرنسا، ومؤمنا برسالتها الحضارية”، غير أن نفي محمد الخامس، في عام 1953، دفعه إلى تغيير قناعاته بـ”رسالة فرنسا” تلك، مفضلا ترك “الباشوية” والانضمام إلى الشعب المغربي المطالب بعودة “السلطان إلى عرشه”.
موقف شفع له بأن تُمْحى كل صفحاته التي كان فيها خادما للاستعمار، بل شفعت له بأن يكون أول رئيس حكومة في المغرب المستقل.
أي نتيجة
View All Result