بالرغم من استقلاله منذ ما يناهز 65سنة، إلا أن ”جزءا كبيرا “من أرشيف المغرب ما يزال بين يدي المستعمر السابق .الحديث هنا عن الوثائق التاريخية التي في حوزة فرنسا، والتي تمتنع عن إرجاعها للمملكة، بحسب ما علمته مجلة “زمان”.
يسعى المغرب في كل مرة لاستعادة جزء من تراثه المركون بين رفوف أرشيف المستعمر. آخر محاولة ما طالبت به مؤسسة “أرشيف المغرب“ من مدير الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي بتسليمها الوثائق المتعلقة بمحمد بن عبد الكريم الخطابي .ووفق ما كشفه المؤرخ جامع بيضا، فإن الجهات الفرنسية لم تستجب للطلب. وأوضح مدير “أرشيف المغرب“، في حديثه لمجلة “زمان“، أن المؤسسة كانت تخطط لإقامة معرض خاص بالخطابي هذه السنة، فراسلت الجانب الفرنسي بهذا الخصوص في يناير المنصرم من أجل استرجاع ما يخص حياة قائد معركة أنوال. اعتقد بيضا بشكل طبيعي “وساذج“ أن مدير الأرشيف الفرنسي سيستجيب له. لكن الأخير، وبعد شهور من التماطل، رحب فقط بالتعاون و“راوغ“ في قضية إرجاع وثائق الخطابي للمغرب.
تعتبر تلك الوثائق تراثا مشتركا بين البلدين، وهي تخص كذلك إسبانيا، الطرف الثالث والتي يهمها الخطابي أكثر من فرنسا .لكن مدير “أرشيف المغرب“ يطالب بأن تكون الوثائق في حوزة بلدها الأصلي، وبعدها يمكن تقاسمها عبر التقنيات المتقدمة والمتوفرة مع باقي الأطراف، ويؤكد أن المغرب يحق له المطالبة بالأرشيفات التي تم الاستيلاء عليها في منطقة تاركَيست.
يمكن تفسير وجهة نظر فرنسا، كما يقول بيضا، بأنها وضعت يدها على أشياء واعتادت عليها مع طول المدة، وبالتالي من الصعب التخلي عنها «سواء أكانت أرشيفا أو وثائقا». لكن ما يعزز موقف المغرب هو ما كشفه المؤرخ دانييل ريفي، الذي يساند بيضا في مطلبه، بقوله إن فرنسا بالرغم من امتلاكها للوثائق المغربية، إلا أن قلة من الأساتذة بالمعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية بباريس يمكنهم معالجة تلك الوثائق الممزوجة بالعربية الفصحى والدارجة، وبالتالي لا مبرر من إبقائها بين يدي الفرنسيين .في هذا الباب، يشير بعض المؤرخين، الذين اشتغلوا على الوثائق المغربية بفرنسا، إلى أنهم كانوا أول من فتحوا صناديق تخص الخطابي واطلعوا على رسائله، ولم يسبق لأحد من الفرنسيين أن فتحها أو اهتم بها.
ويشدد جامع بيضا، بصفتيه الأكاديمية والإدارية، على ضرورة «تحرير الوثائق المغربية من ربقة الاستعمار»، وأن يعود كل ما يتعلق بالمغرب إلى بلده الأم. لكن كيف يمكن ذلك والمؤسسة الرسمية المكلفة بالأرشيف بالمغرب لم يستجب لطلبها؟ يرى مدير أرشيف المغرب أنه «عاجلا أم آجلا، سيتعين على الحكومة المغربية تدبير قضية الوثائق مع القوى الاستعمارية السابقة: فرنسا وإسبانيا».