عاش فريد الأنصاري حياة فريدة، تنقل فيها من عدة تجارب ومسارات، فقد بدأ واعظا، ثم التحق بحركة التوحيد والإصلاح، ثم منخرطا فاعلا في الدين الرسمي، قبل أن يختار ”التصوف” في آخر حياته.
يعتبر الدكتور فريد الأنصاري حالة فريدة كاسمه داخل مشهد الحركة الإسلامية بالمغرب، فعلاوة على تأثيره الدعوي والحركي خصوصا بمدينته مكناس، سواء بخطبه ودروسه الوعظية، أو كتاباته التي عرفت أسلوبا متفردا، فقد كان من أشد المنتقدين لأصدقائه الإسلاميين بعد التحاقهم بركب السياسة. كما أن مساره عرف عدة تحولات مثيرة، فمن متدين تقليدي إلى شاب طالب منتم للحركة الإسلامية، إلى قيادي بارز بحركة التوحيد والإصلاح بنزعة سلفية واضحة، إلى منتقد لاذع لحركات الإسلام السياسي، ومنخرط في العمل الديني الرسمي، وانتهاء بالتحول إلى رجل صوفي صاحب سلوك وعرفان، ومريدا للتجربة الصوفية التركية لصاحبها سعيد النورسي وتلميذه الأبرز فتح لله كولن زعيم جماعة الخدمة. ولد فريد الأنصاري سنة 1960 بواحات سجلماسة جنوب شرق المغرب، بقرية أمازيغية تسمى “أنِّيف“، ونشأ وسط أسرة متدينة. فقد كان والده الحسن بن محمد أحد خريجي جامعة القرويين، كما كانت أمه عائشة مهاجر امرأة شديدة التدين، وهو ما كان له أثر في توجهاته الدينية والدراسية، وذلك ما يظهر في روايته “كشف المحجوب“، والتي صرح كثير من مقربيه بأنها سيرة ذاتية للمؤلف، فيحكي كيف كان والده يصحبه معه لمساعدته في أمور الفلاحة وغيرها، وأنه كان يقسو عليه أحيانا، إذ كان يطلب منه أن يكون مجدا في دراسته، لدرجة أنه أعاد سنتين دراسيتين في مرحلة الابتدائي رغم نجاحه، تشديدا منه عليه في التأهيل العلمي، كما كان عليه المواظبة على حفظ القرآن الكريم على يد فقيه الجامع، وقراءة أواخر الأذكار مع “الفقراء“ بالزاوية، ومساعدة أمه في أشغال البيت وإخوته في عمل الحقول.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 137 من مجلتكم «زمان»