استحدث المرينيون تنظيما ماليا مختلفا، نسبيا، عمن سبقوهم، زاوجوا فيه بين ما هو شرعي وغير شرعي، وحين تضخمت مواردهم أصبح من الصعب الفصل بين ما هو للدولة وبين ما هو للسلطان.
لابد للباحث في موضوع النظام المالي للدولة المرينية أن يستحضر معطى مفسرا في غاية الأهمية مؤداه أن المرينيين لم يكونوا، عند بداية ظهورهم في المشهد السياسي المغربي، يفكرون في مشروع الدولة، ولعل هذا انعكس، فيما بعد، على المؤسسات التي أقاموها بما فيها المؤسسات المالية، وهذا ما يفرض على الباحث، بين الفينة والأخرى، عقد مقارنات مع سابقيهم المرابطين والموحدين خاصة الأخيرين، لكي يقف على الأكثر تنظيما على المستوى المالي.
يبدو أن أهم تنظيم مالي مريني تحدثت عنه المصادر هو بيت المال الذي عرف بديوان الخراج، مهمته حفظ أموال الدولة، وضبط ما يرد منها عليه، وما يخرج من نفقات مختلفة. وكان المشرف عليه هو الأمير أو السلطان المريني، وهذا من شأنه، نظريا على الأقل، أن يحدث خلطا بين أموال الدولة وأموال الحاكم، كما كان أمر هذا الديوان بيد الوزير، وأسند الإشراف عليه، في بعض الأحيان، إلى شخص دون الوزير وهو الذي عرف بـ”صاحب الأشغال” أو ”صاحب ديوان الخراج” أو ”كاتب الجباية والعساكر”، وقد كان مسؤولا عن الجباية والإنفاق (العطاء)، وعن كل ما يتعلق بشؤون الجند من حيث إحصاء عددهم، وتقدير أرزاقهم، وصرف أعطياتهم، وكانت قراراته نافذة في الخراج والعطاء، وهو ”الذي يتولى بنفسه التدقيق والتوقيع بصحة الحسابات”، لكونه مسؤولا أمام السلطان أو الوزير.
خضع بيت المال لجهاز مالي آخر يعرف بـ”شهداء البيت” أو ”شهود بيت المال”، الذي لم يكن معروفا خلال الحقبتين المرابطية والموحدية، وهو أشبه ما يكون بديوان الرقابة المالية (…)، يشهد القائمون عليه على الحاصل من بيت المال، الداخل والخارج، و«ترفع إليهم جرائد الحسابات».
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 34-35 من مجلتكم «زمان»