سبق لـ«زمان» أن نشرت موضوعا بعنوان «قضية بنمسعود» تطرقت فيه إلى محاكمة وزراء اتهموا بالفساد في عام 1971. محمد الجعايدي أحد الوزراء المعنيين بالقضية اختار الرد لتبيان الأمور، ويعود بعد أكثر من 40 سنة ليبسط وجهة نظره في القضية من خلال تجربته الشخصية. وحسب الجعايدي، الذي كان يحمل حقيبة وزارة التجارة والصناعة والمناجم والملاحة التجارية، فإنه وزملاؤه الأربعة كانوا مجرد كبش فداء في مخططات سوداء صاغها ضباط كبار في الجيش ومعهم «مجموعات ثورية من اليسار»، كما قال في هذا الحوار.
ما هو مسارك وكيف انخرطت في العمل السياسي؟
أنا من مواليد مدينة سلا، وأتحدر من عائلة للأعيان. في طفولتي تلقيت تربية عميقة، ومبكرا بدأت أتلقى دروسا في الدين وفي اللغة العربية في المدرسة، بينما بدأت تعلم الفرنسية في ثانوية مولاي يوسف بالرباط. في هذه المؤسسة نلت شهادة البكالوريا في الوقت الذي انخرطنا في الحركة الوطنية للمطالبة بالاستقلال. كنت مع رفاقي المغاربة نكد ونجتهد لنيل نقط أحسن من التلاميذ الفرنسيين الذين كانوا يدرسون بثانوية غورو (ثانوية الحسن الثاني حاليا). ويمكن القول إننا كنا نحقق ذلك دائما. لقد نلت شهادة البكالوريا بميزة حسن جدا.
كانت الحركة الوطنية حينها في حاجة إلى إعادة تأطير الطلبة المغاربة في باريس الذين تشبع عدد كبير منهم بالإيديولوجيا الشيوعية. في هذا السياق تم اختياري في عام 1953 لاستكمال دراستي في العاصمة الفرنسية.
هنالك نلت إجازة في الحقوق، ثم دبلوما من مدرسة العلوم السياسية. في هذه الفترة خلقنا اتحاد الطلبة المغاربة في فرنسا، وكان العمل السياسي لا يمكن فصله عن الدراسة التي كنا نتبعها. في هذا الإطار تعرفت على المرحوم الحاج أحمد بلافريج، والذي أصبح فيما بعد مرشدي. بعد الاستقلال دعاني بلافريج إلى العودة للمغرب الذي كانت تنقصه حينها الأطر. لقد أصبحت، في البداية، كاتبه الخاص، ثم مديرا لديوانه حين أصبح وزيرا للشؤون الخارجية في حكومة البكاي الثانية. وأتذكر اليوم الأول حين فتحنا أبواب الوزارة فوجدناها فارغة تماما، وكان علينا أن نبدأ من الصفر. بعد ذلك، وحين تزعم المهدي بنبركة الانشقاق عن حزب الاستقلال قررنا مغادرة الحكومة. هذه الفترة رسخت تجربتي كمدير للديوان بالوزارة، في الوقت الذي مثل لي شق الحزب أول صدمة سياسية، ولم أستوعب كيف يمكن ضياع مصير شباب متحفز كما كنته.
حاوره سامي لقمهري
تتمة المقال تجدونه في العدد 20 من مجلتكم «زمان»