عاش محمد بلمختار الأنصاري مراحل أساسية في مسيرة المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، ابتداء من تشكيل منظمة فدائية بالدارالبيضاء مرورا بجيش التحرير في الشمال، ووصولا إلى جيش تحرير الجنوب في آيت باعمران. يتذكر بلمختار الأحداث الهامة التي ساهم فيها، وتلك التي عاشها، بتواريخها الدقيقة وشخوصها البارزين.
كيف التحقت بالمقاومة؟
تولد لدي الشعور الوطني، وأنا شاب بمدينة الدار البيضاء، بشكل تلقائي قبل أن ألتحق بحزب الاستقلال. كنا نعيش الانتهاكات والظلم الذي يمارس في حق المغاربة في ظل الاستعمار، ما خلق لدينا روحا وطنية وبدأنا نفكر في تحرير بلادنا. سنة 1950 انخرطت في حزب الاستقلال وتلقيت في صفوفه تربية وطنية، وذلك في جماعة كانت تسمى «ألف 17»، لكن الحزب لم يكن يميل إلى الأعمال الفدائية، بل فقط إلى النضال السلمي. في المقابل، كنت رفقة عدد من الشباب مقتنعين بضرورة المقاومة المسلحة لطرد الاستعمار. في دجنبر 1952 جرى قمع دموي للمظاهرات التي خرجت في الدارالبيضاء تضامنا مع الشعب التونسي إثر اغتيال الشهيد فرحات حشاد، وأثر فينا ذلك بشكل عميق. في الأسبوع الثاني من فبراير 1953 شكلنا خلية فدائية، وكان أحد أعمامي يمدنا بالمواد التي نصنع بها متفجرات من مقلع كان يشتغل به في منطقة سيدي حجاج.
شكلتم هذه الخلية الفدائية قبل نفي محمد الخامس في غشت 1953؟
أجل، قبل نفي محمد الخامس. بدأنا نقوم ببعض الأعمال التخريبية. يوم الجمعة 4 شتنبر 1953 أطلقت أول رصاصة في المغرب، في درب السلطان بالدار البيضاء، استهدفت مخبر شرطة سريا جرح على إثرها. يوم السبت الموالي نفذت ثاني عملية في المدينة القديمة، حيث تمت تصفية خائن آخر من المتعاونين مع الاستعمار .في 19 شتنبر 1954 نفذت مجموعتنا، «مجموعة درب الشرفا الطلبة»، أول عملياتها واستهدفت بائع دخان كان رفض مقاطعة البضائع الفرنسية، وذلك في ساحة 7 أبريل حاليا بدرب الكبير. في فبراير 1954 اتصلنا بالشهيد الزرقطوني رحمه لله وأصبحت مجموعتنا تنسق معه. في 30 يونيو 1954 نفذنا عملية اغتيال واحد من أعمدة الاستعمار وهو الدكتور إيميل إيرو، مدير جريدة «لافيجي ماروكان»، ومؤسس منظمة الوجود الفرنسي. كانت تلك آخر عملية لمجموعتنا، فداء للشهيد الزرقطوني الذي خطط لها قبل استشهاده. اعتقل إثرها الشهيد إدريس الحريزي وأعدم، وكشفت المجموعة فاضطررنا للجوء إلى الشمال. كانت المنطقة الخليفية شمال المغرب ملجأ للوطنيين المغاربة كما هو معروف. في يونيو 1955 تشكل مركز للتدريب العسكري بجنان الرهوني، في تطوان، فاجتمع فيه جميع الوطنيين اللاجئين في الشمال، وعين عبد القادر بوزار قائدا عسكريا لهذا المركز.
حاوره إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 18 من مجلتكم «زمان»