شارك محمد بوضياف في إطلاق شرارة الثورة الجزائرية، وفي تأسيس جبهة التحرير الوطني، وواجه قدرا استثنائيا. بينما كان بإمكانه التربع على قمة هرم السلطة بعد الاستقلال، وجد نفسه في معارضة رفاق الأمس ولجأ إلى المغرب. إلى حدود المناداة عليه لتولي رئاسة الجزائر، عاش بوضياف في المغرب 28 سنة، فكيف كانت حياته المغربية؟ علاقاته مع الحسن الثاني؟ وهل كان لذلك دور في توجس المسؤولين الجزائريين منه؟
كان محمد بوضياف من أولئك الذين يضطرون، أحيانا، للتخلي عن أحلامهم، سواء عن قناعة أو اضطرارا. عندما غادر الجزائر سنة 1964 لاجئا إلى المغرب كان واضحا أن واقعيته غلبت آماله. فلماذا اختار هذا الزعيم الوطني، قائد انطلاقة الثورة المسلحة بدون منازع، مغادرة بلاده المستقلة للتو، بينما كان ينتظر أن يكتب أبطال التحرير هذه الصفحة الجديدة من تاريخها؟ لكن التاريخ، تحديدا، كثيرا ما يكون تراجيديا، وكثيرا ما يغدو رفاق الأمس الواقفين في جبهة واحدة، أعداء متقاتلين حول السلطة.
قبل ذلك، لم يحالف الحظ بوضياف في مواصلة المعركة ضد الاستعمار إلى النهاية. ففي أكتوبر 1956 اعترضت الطائرات الحربية الفرنسية، في الأجواء، مسار الطائرة التي كانت تقله رفقة أربعة من رفاقه الزعماء التاريخيين للثورة الجزائرية. لم يتمكن بوضياف، أحمد بنبلة، حسين آيت أحمد، مصطفى الأشرف، ومحمد خيضر، من الوصول إلى تونس، حيث كانوا على موعد مع السلطان محمد الخامس والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة. فرض عليهم متابعة تطورات الثورة الجزائرية من فرنسا، حيث ظلوا معتقلين إلى غاية 1962، سنة استقلال البلاد. لقد حرموا من ثورتهم.
نينا كوزلوفسكي
تتمة الملف تجدونها في العدد 43 من مجلتكم «زمان»