يرى الباحث السوسيولوجي المغربي، مراد لمخنتر، أن الصيام عند المغاربة ممارسة مقدسة وفريضة أساسية تتفوق على باقي الفرائض الدينية الأخرى. ويذهب لمخنتر إلى حد القول إن الصيام بالنسبة للمغاربة، من الناحية العملية، هو الطقس الأول من طقوس الإسلام، بل إن المغاربة يقدسون الصوم أكثر من باقي الشعوب المسلمة. وهذا التقديس يقابله تشدد حتى مع الاستثناءات التي يبيحها الشرع كحالة المرض أو السفر. في ما يلي نص الحوار.
ماذا يعني الصيام في عرف وممارسة المغاربة المسلمين؟
الصيام بالنسبة للمغاربة ممارسة مقدسة وفريضة أساسية تتفوق على باقي الفرائض الدينية الأخرى من حيث الممارسة، وإن كانت الصلاة نظريا هي الفرض الأول. ولا يقتصر الصوم عند المغاربة بشهر رمضان بل يشمل أحيانا أيام الاثنين والخميس من كل أسبوع ويوم عاشوراء ويوم عرفة بالإضافة إلى ستة أيام من شهر شوال. ويشكل صيام الأطفال للمرة الأولى حدثا مشهودا، حيث يتم الاحتفال بالطفل ويظل صيام أول يوم عالقا في ذهنه. وللاستئناس نقدم أرقاما ذات دلالة في هذا السياق، حيث جاء في إحدى الدراسات الميدانية، التي كانت تحت عنوان “الإسلام في الحياة اليومية، بحث حول القيم والممارسات الدينية بالمغرب“، وقام بها كل من محمد العيادي وحسن رشيق ومحمد الطوزي، في عام 2013 التأكيد على أهمية الصيام عند المغاربة: «ما هو الأسوء بالنسبة لكم، عدم أداء الصلاة أو عدم الصيام أو هما معا؟ فإن أجوبة الذين شملهم البحث تؤكد مركزية شعيرة صيام رمضان مقارنة مع شعيرة الصلاة، إذ يعتبر 40.1% أن الأسوأ قد يكون هو الصيام، في حين يعتقد 19.7% أن الأسوأ قد يكون بالأحرى هو عدم الصلاة. ويضع 38% الشعيرتين على قدم المساواة. والنزوع بهذا الصدد أبرز لدى الشباب منه لدى المسنين بحيث يعتبر 45.1% من فئة 24-18 سنة أن أسوأ الأفعال يتمثل في عدم الصيام…». كما أن النسبة الغالبة تعتبر أن من لا يصوم رمضان بدون عذر واضح ليس مسلما.
هل الصيام فقط جوع وعطش وحرمان من متع الحياة اليومية أم هو شيء آخر؟
الصيام طقس ديني أساسي، ويشترط النية لقبول الصيام، وله دور روحي كبير. وهو كباقي الطقوس يجدد الارتباط الديني، حيث أن العقيدة تشترط الطقس وهو العبادة. وبالنسبة للمغاربة يشكل الصيام طقسا أساسيا لتجديد العلاقة الروحية والارتباط الديني، والملاحظ أن المغاربة يقبلون عموما على الصلاة أثناء الصيام. ويمكننا القول إن الصيام بالنسبة للمغاربة من الناحية العملية الطقس الأول من طقوس الإسلام. لكن مع ذلك نشهد زيادة في الصراعات وإقبالا على الاستهلاك لا نشهد له مثيلا في باقي السنة، مما يجعلنا نؤشر على أن الصيام لا يحقق الأهداف المعلنة منه حسب معطيات الواقع. بل الغريب أنه يشهد نقيض ذلك حيث يقرن جزء كبير من المغاربة بين رمضان والتخمة.c
حاوره المعطي منجب
تتمة الحوار تجدونها في العدد 55 من مجلتكم «زمان»