عرفت تجارة المحظور في تاريخ المغرب تقلبات بتقلب أحوال البلاد والظروف الداخلية والخارجية. في هذا الحوار، يوضح المؤرخ مصطفى قادري التغيرات التي طرأت على تجارة السلع الممنوعة والمحرمة في تاريخ المغرب، منذ العصر الوسيط إلى الفترة الراهنة.
إذا رجعنا إلى البدايات المبكرة لتشكل الدولة المركزية في المغرب خلال العصر الوسيط، هل تم وضع قواعد محددة بخصوص التجارة في هذه الفترة، أي تحديد ما يمكن بيعه وما لا يمكن؟
نعرف جيدا أنه خلال زمن الإمبراطوريات، مثلا في الفترة الإسلامية، أن التجارة الصحراوية والتجارة المتوسطية كانتا مهمتين جدا، وهو ما نسميه اليوم “التجارة الدولية“، ثم كانت التجارة الداخلية. وما نعرفه كذلك أن التجارة الخارجية كانت تحت إشراف الدولة عبر سياسة المكوس أو التعشير، وهي سياسة قديمة جدا ما تزال قائمة إلى زمننا هذا، أعني ما يخص الواردات والصادرات. وعلى سبيل المثال، نقرأ في بعض الوثائق التي تتحدث عن الفترة الموحدية حيث كانت هناك اتفاقيات تجارية تخول لمدينة البندقية بإيطاليا أن تقوم بالتجارة المتوسطية لصالح الموحدين. أما التجارة الداخلية فهي مسألة حرة مرتبطة بالضرائب، بالتحديد مكوس أبواب المدن ومكوس الأسواق، وهي من مداخيل تستفيد منها إما الدولة أو المدينة أو القبيلة التي يوجد سوق بداخلها. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فلا نعلم الكثير عن الشيء الممنوع والمباح في زمن الإمبراطوريات هذا.
بالنسبة لتجارة الخمور، فبحكم التنوع الديني بالمغرب مثل حضور المكون اليهودي الذي ارتبط الخمر لديهم بعبادتهم ومزاولتهم لشعائرهم، فلم يكن هناك منع وحظر لتجارتها، اللهم إلا بين المسلمين الممنوع عليهم استهلاكها .ومن ثمّ، فإن تجارة الخمور كانت مقننة ومضبوطة بقوانين السوق الداخلي، مثلها مثل باقي السلع، وبقيت حكرا على اليهود .من جهة أخرى، استمر استهلاك الخمور إلى فترات متأخرة، لا سيما إلى غاية فترة الحماية وما بعدها، فهناك نصوص قانونية ترجع إلى سنة 1913 موجهة لغير المسلمين، دون أن يصدر في الخمر ظهير يرخص تداولها، وإنما صدر فقط مرسوم وزاري، ولم تقنن يوما ما إلى يومنا هذا بأي ظهير.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 124 من مجلتكم «زمان»