في هذا الحوار، يوضح أستاذ التاريخ مصطفى نشاط، علاقة المغاربة بالحيوانات وأهميتها وحضورها في المجتمع المغربي، فضلا عن رمزيتها السياسية وتوظيفها، خاصة منها الأسد الذي تم توظيفه في سياسة الحكم بالعصر الوسيط، واشتهر أيضا أولياء وصلحاء بكرامة ترويضه.
ما هي أهم أنواع الحيوانات ومجالات استخدامها بالمغرب الوسيط؟
يمكن التمييز عموما بين أربعة أنواع من الحيوانات تبعا لحجمها وشكلها ووظيفتها وطرق تكاثرها وهي: الحيوانات اللافقارية مثل الديدان، ونوع الأسماك، ونوع البرمائيات كالضفادع والزواحف، وأخيرا نوع الثدييات، ومنها الدّواب. ولمّا أحصى ابن فضل لله العمري حيوانات المغاربة في القرن 14م، ركّز منها على «الخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنم، ولا يعدم عندهم إلّا الجاموس، فإنه لا يوجد عندهم…». وبالعودة إلى القرآن الكريم، نجد سورة النحل قد تحدثت عن فضائل أهم هذه الحيوانات هي “والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تفعلون”.
لنذكر بعضا منها على سبيل، كعلاقة المغاربة بالخيول؟
أشادت المصادر التاريخية بأهمية خيول المغرب وخصائصها عند دخول المسلمين إلى بلاد المغرب، حتى إنه «لم ير المسلمون في مغازيهم أصلب منها». ولما عاد موسى بن نصير إلى المشرق سأله الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك عن المغرب قائلا: «أي الخيل رأيتها في تلك البلاد؟» فأجابه: «الشقر».
ويستفاد من إشارات المصادر الجغرافية وكتب المسالك أن أحسن الخيول المغربية كانت تُربّى بجبال فازاز ما بين سلا ونهر سبو، إذ كانت «مدورة القدود حسنة الخلق والأخلاق». واشتهرت بعض المناطق بأسماء خيولها، مثل الخيول التي يسمّيها البكري بـ”الحميدية” نسبة إلى ملّاكيها من بني حميد بمنطقة غمارة. وقد ارتفع عدد الخيول بالمغرب بعد أن نقلت القبائل العربية من بني هلال وبني سليم أعدادا منها في عهد المنصور الموحدي، ضمن الموجة الثانية للهجرات العربية إلى بلاد المغرب.
وكانت الخيول المغربية مفضلة لدى الدول الأخرى وتستحسنها. فقد أهدى زيري بن عطية الحاجب المنصور بن أبي عامر الأندلسي مائتي فرس من عتاق الخيل مقابل أن يبقيه حاكما على المغرب، وأهدى يوسف بن تاشفين لابن عمه أبي بكر بن عمر هدية بها سبعون فرسا، وفي العصر المريني أهدى السلطان يوسف بن يعقوب إلى السلطان المملوكي قلاوون «الخيل العراب والمطايا الفارهة، يقال كان عدد الخيل والمطايا الأربعمائة».
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 84 من مجلتكم «زمان»