ظلت علاقة المغربي بالإسباني مترابطة طوال عقود طويلة، نظرا للمشترك التاريخي للبلدين، ونظرا لسنوات الحماية الإسبانية بالمغرب .في هذا الحوار، يوضح المؤرخ ميمون أزيزا جوانب التغيير الذي أحدثته تلك الحماية في المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. وكذلك التأثير المتبادل الذي ما يزال ظاهرا إلى الآن.
في البداية، هل يمكن أن توضح لنا كيف كان ينظر الإسبان إلى المغاربة وإلى المغرب قبيل استعماره؟ وما هي الاستراتيجية التي نهجوها لاحتلاله؟
على غرار باقي الدول الاستعمارية، اعتمدت إسبانيا على ثلة من علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا إضافة إلى المؤرخين والجغرافيين من أجل استكشاف المغرب ودراسة بنياته الثقافية والدينية .وإذا كان نصيب فرنسا من الأبحاث والدراسات عن المغرب قد استأثر بالجزء الأوفر منه على الصعيدين الكمي والكيفي، فإن الـتأليف الإسباني، لا يقل أهمية .وقد عمد أصحاب هذه المؤلفات إلى رصد مختلف الظواهر المرتبطة بالحضور الإسباني بالمنطقة .وقد جاءت أغلب هذه الكتابات على شكل مونوغرافيات وتقارير رسمية أو شبه رسمية ونصوص وصفية لمجموعة من الرحالة زاروا المنطقة خلال العقود الأولى من القرن العشرين. وقد راوحت نشاطات أصحابها بين مهمات الرحالة المستكشف والصحافي المغامر والضابط العسكري والمسؤول الإداري. وتأسس، ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر، خطاب استعماري يبحث في حياة المغاربة من حيث الخصائص الإثنية والحياة الاجتماعية والاقتصادية. وفي الوقت نفسه، جعلت إسبانيا من المغرب مجالها الحيوي والاستراتيجي، وأصبح هذا المجال الجديد يوجه سياستها الاستعمارية بعد فقدانها لآخر مستعمراتها في أمريكا اللاتينية وشرق آسيا بعد هزيمة سنة 1898…
كيف أثر التاريخ المشترك بين البلدين على السياسية الاستعمارية الإسبانية بالمغرب؟
يعتبر التاريخ المشترك والقرب الجغرافي من العوامل الأساسية المتحكمة في العلاقة بين البلدين. ويرى الأديب الإسباني خوان غويتيسولو أن غالبا ما تتحول الجيرة أو البعد، واختلاف بعض الخصائص والعادات أو تشابهها، لدى الشعوب المتجاورة، إلى تعارض غير قابل للتذويب بين جواهر أو ماهيات مختلفة. وقد أسهم التاريخ المشترك في رسم صورة الإنسان المغربي في المخيال الإسباني. فالمغربي يحتل مكانة مركزية في الذاكرة الإسبانية ويظهر في وجوه عديدة، ويثير تارة الذعر والحسد طورا، والشتيمة حينا والملاحقة حينا آخر .«وهو في هذا كله بقي يغذي، طيلة عشرة قرون، أساطير الإسبان وأعمالهم الخيالية، ويشكل مصدر إلهام لقصائدنا وأغانينا، وشخصية محورية لرواياتنا ومآسينا»، كما يقول غويتيسولو.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 103 من مجلتكم «زمان»