في كل تنصيب لحكومة جديدة بالمغرب، يخيم النقاش حول مدى أحقية “الرجل المناسب في المكان المناسب”، لا من حيث انتماؤه السياسي ولا من حيث كفاءته. ومنذ استقلال المغرب، احتدم الصراع بين الأحزاب وبين الملك بشأن مسألة الحكم، وبالتحديد حول اقتسام السلطة عبر المناصب الحكومية. في خضم ذلك، برزت حساسية “وزارات السيادة” وأذكت النزاع بين القصر والمعارضين. فما قصة “وزارات السيادة” في المغرب؟
دأب سلاطين المغرب الاعتماد على رجال ثقات مقربين منهم كـ”الصدر الأعظم” أو المستشارين أو الوزراء. ولم يختلف الأمر بعد استقلال المغرب إلا من حيث الشكل والمسميات. فرغم الدخول في مرحلة “الدولة الحديثة”، إلا أن “الآلية الديمقراطية” لم تمنع محمد الخامس، ثم الحسن الثاني من اختيار المقربين له وإشراكهم في تسيير الحكم على طريقته، وظل متوجسا وحذرا طوال حكمه من تسلل المعارضين له إلى دواليب الحكم.
ومن بين أعمدة الحكم التي اعتمدها القصر بعد الاستقلال، وحرص عليها، هي القطاعات الوزارية ذات الحساسية، على رأسها: الوزارة الأولى، الداخلية، العدل، الخارجية، والشؤون الإسلامية.
لا يمكن حصر هاته القطاعات في كونها سيادية بشكل دائم، فبالرغم من أهميتها إلا أنها تتفاوت في ما بينها بحسب الحاجة إليها.
وبخلاف دول أخرى كفرنسا التي تولي أهمية كبرى لقطاعات سيادية بحسب أهميتها في المجتمع كوزارة التعليم، إلا أن المغرب يولي أهمية لوزارات السيادة بحسب دورها وخدمتها للنظام. ولطالما عين الملك أشخاصا مقربين منه في أرفع المناصب والقطاعات، ولم يختلف الأمر بالنسبة للتعيين في وزارات السيادة.
إذ «لا يمكن إسناد مهمة تسييرها إلى حزب سياسي»، على حد تعبير الحسن الثاني، وأسندت إلى المستقلين.
وخلاصة القول «لم يسمح للشرعية “الشعبية” أن تتصرف نهائيا في الوزارات المتواجدة في أعلى السلم، لأنها تشكل الأدوات التي عبرها يتجسد النظام وخصوصا السلطة التي تمثل المؤسسة الملكية»، يقول المؤرخ مصطفى بوعزيز.
لكن كيف برزت هذه الوزارات وكيف نشأ الصراع حولها؟
غسان الكشوري
تتمة الملف تجدونها في العدد 73 من مجلتكم «زمان»، نونبر 2019