ما تزال كثير من الصفحات في تاريخ إدريس بن عبد الله مؤسس الدولة الإدريسية غامضة ومثار جدل، خصوصا أن روايات المؤرخين تضاربت وخضع بعضها للتسييس، وتحكمت في كتابته مواقف وانتماءات هؤلاء المؤرخين.
لعل أكثر النقط جدلية في تاريخ المولى إدريس الأول مؤسس الدولة الإدريسية، التي اختلفت حولها الروايات، تبقى هي المذهب العقدي الذي كان عليه لحظة وصوله إلى المغرب الأقصى، فمنهم من نسبه إلى الشيعة الزيدية ومنهم من جزم بمالكيته، وبقي هذا الموضوع خلافيا إلى يوم الناس هذا خصوصا أنه لا يعلم عن تاريخ إدريس بن عبد لله إلا النزر اليسير، ولم تسعف الكتب والتراجم المنشورة في الخروج بحقيقة مطلقة، فاستمر جدال الفريقين ومحاولات كل منهما نسب مؤسس الأدارسة إليه.
هل كان شيعيا؟
لا تسمح الإشارات القليلة، التي أوردها المؤرخون عن شخصية إدريس بن عبد لله قبل وصوله إلى المغرب، بالقول إنه تبنى مذهبا دون آخر. لكن على العموم، وكما يرى المؤرخ المغربي محمد صدقي، فإنه يفهم من كلام المؤرخين أن إدريس الأول كان من العلويين الذين سعوا إلى الإطاحة بخلافة بني العباس، حيث شارك كباقي الطالبيين في معركتي المدينة وفخ. وبعد انهزامهم في المعركة الأخيرة، فر إدريس بن عبد لله برفقة مولاه راشد إلى مصر، وهناك وجدا العون والمساعدة من شيعة أهل البيت، بما يفيد اعتناقه للمذهب الشيعي.
يعضد هذا الاحتمال ما ذهب إليه المؤرخ محمود إسماعيل، صاحب كتاب “الأدارسة… حقائق جديدة”، إذ ذكر أن دعاة الزيدية أمنوا له الإقامة بمصر والخروج منها إلى برقة، دليله على ذلك وجود تنظيم علوي زيدي في مصر، استمر حتى بعد قيام دولة الأدارسة، بل ويعتقد في تشيع والي مصر علي بن سليمان الذي دبر له الإقامة بها، وأمر بخروجه منها.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 45 من مجلتكم «زمان»