لم يستند اليوسي، في تنظيره لمسألة الحكم والخلافة، إلى الشرع وحده، بل لم يجد ”صاعقة المغرب”، كما وصفه البعض، ضيرا في الاستشهاد بحكماء من خارج الملة الإسلامية.
لم يكن الحسن اليوسي المعاصر للسلطان مولاي إسماعيل عالما عاديا .فعلى الرغم من نشأته وتعلمه خارج الحواضر الكبيرة، إلا أنه جمع من العلوم بشتى فروعها، العقلية منها والنقلية، ما جعل أهل العلم، غربا ومشرقا، يشيرون إليه بـ“العلَم الشامخ“، أو “صاعقة المغرب“، أو غزالي زمانه. حالة متميزة بكل المعايير، خاصة عندما نستحضر أن هذا العالم ظهر في قلب جبال الأطلس المتوسط، وفي زمان غلبت عليه الفتن والأزمات السياسية لأكثر من نصف قرن عاصف، فصل بين أفول دولة وبزوغ أخرى.
ولعل هذه الظرفية الاستثنائية التي نشأ فيها اليوسي هي التي كانت وراء عبقريته، لأن فكره عكس بالضرورة حاجة وقته إلى فكر مبدع يتجاوز إطار التقليد والتكلس اللذين ميزا الحقل العلمي بالمغرب لمدة طويلة. الحسن اليوسي ترك العشرات من المؤلفات في الفقه واللغة والأدب والمنطق والتصوف وغيرها من العلوم، ولكن ما كتبه في السياسة الشرعية، أو ما نسميه اليوم بالفكر السياسي قليل، ويكاد ينحصر في رسالته الشهيرة للسلطان مولاي إسماعيل .ومع ذلك، فإن هذه الرسالة تختزن نظرية متميزة في السياسة وإشكالية الحكم ما يجعلها متقدمة على ما أدلى به من سبقه من علماء المغرب، بمن فيهم ابن خلدون كما سنرى.
محمد المنصور
تتمة المقال تجدونها في العدد 100 من مجلتكم «زمان»