حين حل الفرنسيون بمدينة فاس، غداة فرض الحماية، جاؤوا بعاداتهم وأساليبهم في الحياة، وأيضا بصحفهم التي حاولوا من خلالها خدمة وطنهم الأم والترويج لثقافتهم الاستهلاكية.
ظهرت الصحافة الفرنسية بالمغرب، وفق توجهات الإقامة العامة، بإصدار النص القانوني التنظيمي، في 27 أبريل 1914، الذي خضع بدوره لتطورات لاحقة «منسجمة» مع طبيعة التحول السياسي للبلاد. وقد طال هذا القانون جميع المنابر الصحفية، بما فيها الصحف الجهوية الفرنسية الناشئة بمدينة فاس. وبالرغم من أن التوجهات الفكرية للنخبة الفاسية، لم تكن على الدوام مطابقة لما كان عليه وضع نظيرتها بمدينتي الدار البيضاء أو طنجة مثلا.
فمنطق الخصوصية الجهوية كان حاضرا عبر عدد من المستويات والأبعاد، تجلت أولى سماته في الأسماء الدالة التي اتخذتها تلك الصحف، حيث عرفت المدينة كلا من
(Méknès-Fez, Hebdo) في عام 1915، و (Le Progrès de Fez, Hebdo)، في عام 1922 (La Bougie de Fez)، في 1926،
و(L’Avenir de Fez)، في عام 1928.
هكذا، ومن خلال عناوين الصحافة الجهوية الفرنسية بمدينة فاس يبرز تنوع خاص على مستوى توجهاتها ومضامين خطابها الإعلامي، بالرغم من أنها لم تنفصل بشكل واضح عن مركزية الصحافة الفرنسية ضمن مجموعة ماس (Mass) وتوجهاتها السياسية.
وقد جاء ظهور الصحف الجهوية بفاس، في وقت بدأت معالم الحياة الأوربية بطقوسها تنتشر بين صفوف الساكنة المترفة، بل تنتقل بعض الممارسات الأوربية اليومية إلى شوارع المدينة الجديدة، وسط صخب التحولات الاقتصادية التي طبعت مجمل أنشطة الأوربيين، الذين بدأوا بدورهم يجدون ضالتهم في العيش إلى جانب المسلمين والمغاربة اليهود على السواء.
محمد براص
تتمة المقال تجدونها في العدد 83 من مجلتكم «زمان»