استفاد الغرب الإسلامي من التراكم الذي تحقق في الأندلس على مستوى المعرفة الطبية، لكن تدهور الأوضاع الاجتماعية أعاق تطور هذه المعرفة.
شهد الغرب الإسلامي تطورا في التآليف المتعلقة بالطب، في ارتباط بمعارف طبيعية أخرى، وكان من ثمرة هذا التطور بروز أسماء بعض المؤلفين في الأندلس خصوصا، بعد أن انتقل بعضهم إلى المغرب في العصر الموحدي، وساهموا بذلك في تطور مستوى هذا العلم. لكنه تطور بقي محدودا، وسرعان ما غرقت صناعة الطب في غياهب اللامعقول مختلطة بممارسات بعيدة عن طرق العلمية، بمقاييس تلك الفترة، لعلاج وتشخيص الأمراض. يتعرض بناصر البعزاتي، الباحث المتخصص في تاريخ العلم، لهذه الظاهرة في دراسة له عن “علم الطب زمن ابن خلدون” المنشورة بالعدد 43 لمجلة “هيسبريس تمودا”، متسائلا عن مدى نمو هذا العلم وحجم العوائق التي وقفت في طريقه. وذلك من خلال ما بقي من تآليف أبرز من كتبوا في الطب خلال تلك الفترة، ومدى استيعابها التراكم المعرفي في هذا المجال منذ زمن أبقراط.
رياح الأندلس
يوضح البعزاتي أن الأندلس شهدت بروز أطباء مرموقين. يذكر من بينهم أبو القاسم الزهراوي (القرن 10 ميلادي) الذي «ظل كتابه الموسوعي التصريف، بجانب الحاوي للرازي والقانون لابن سينا، مصدرا أساسيا في التكوين الطبي، حيث اجتهد عن طريق الدرس والتجريب، للكشف عن أسباب الأمراض ولم يكن يتسرع في الحكم والعلاج». فضلا عن عدد من الأسماء الأخرى مثل بان بكلارش وابن السمح وأبي الصلت الداني وعبد المالك ابن زهر وابن البيطار… إذ وفرت أجواء التنوع الثقافي في الأندلس ظروفا ملائمة لتطور الطب تأليفا وممارسة، زيادة على «سياق تنافس مهني يحتم عليهم الاجتهاد المسترسل».
يونس مسعودي
تتمة الملف تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»