يذهب بناصر البعزاتي، الأستاذ المختص في تاريخ العلوم في الغرب الإسلامي، إلى أنه لا يمكن الحديث عن وجود فكر علمي في المغرب قبل القرن 11م، موضحا أن فترة الموحدين شهدت ازدهارا نسبيا لتداول العلوم بسبب انفتاح السلطة السياسية.
ماهي الأصول التاريخية لنشأة العلوم في المغرب، وفي أي عصر يمكن الحديث عن أول ظهور للعلوم في الفضاء الجغرافي المغربي؟
يصعب تحديد فترات زمنية بدقة، فالمبدأ في كل الأزمنة وفي كل الفضاءات الثقافية أن الأفكار العلمية تنتقل من فضاء إلى فضاء. ومن الصعب التبين بدقة متى تبلورت فكرة ما في فضاء ثقافي معين. وحتى بين المؤرخين أنفسهم، تجد اختلافا وأجوبة عديدة. هناك فترات يمكن الجزم فيها بأنه كانت فيها علوم، غير أنه لا يمكن الحديث عن إجماع، مثلا، في تاريخ ظهور الفيزياء الرياضية أو الفلك أو الهندسة في العالم بأسره. والحال ينطبق كذلك على الحالة المغربية، خصوصا أن الفضاء المغربي كان يعتبر ممرا بين المشرق والأندلس، وكان من دون شك بعض من هؤلاء العلماء يسافرون في الاتجاهين ويمرون على المغرب. ولا ندري على وجه التحديد عدد السنوات التي كانوا يمكثونها هنا. لكن عموما من الصعب جدا أن نتحدث عن فكر علمي في المغرب قبل القرن 11م، أي خلال الفترة الثانية من حكم المرابطين. وفي المقابل، وُجدت في بعض المناطق دول، مثل دولة النكور وسجلماسة، ولا يمكن تصوّر دولة بدون وجود نخبة من المفكرين. ففي إمارة النكور يذكر على الأقل شخص واحد كان يهتم بعلوم الرياضيات، هو أبو عمران موسى بن ياسين. ومتى وجد واحد يمكن افتراض وجود فرد آخر.
إذن ظهور العلوم في المغرب مرتبط أساسا بدخول الإسلام، ألم يكن هناك علماء قبل هذه الفترة؟
بكل تأكيد، شهدنا حضورا لبعض الأفكار العلمية في العصر القديم قبل مجيء الإسلام سواء في علم الفلك أو المنطق والرياضيات، لكن خلال تلك الفترة لا يمكن الحديث عن المغرب كما عرفناه لاحقا، ومعظم هؤلاء العلماء الذي ظهروا تركزوا تحديدا في الفضاءات الجغرافية التي نعرفها الآن بتونس وليبيا.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»