لا أريد الحديث في هذه الشهادة عما جرى في ذلك اليوم المشؤوم من شهر ماي ،2003 مما يعلمه الكثير وتحدث عنه الناس، ولا حتى ما جرى ما بعده من اعتقالات ومحاكمات، وتحولات في المشهد الديني والسياسي، حتى صار الحديث عنه عادة في كل ذكرى لانفجارات 16 ماي، ولكنني أريد العودة لعقود قبل ذلك، لأستعرض واقعا عشته وأحداثا شهدتها، كانت علامة بارزة في تحول كثير من المغاربة عن النموذج التاريخي والمحلي، المتسم بكثير من التسامح والاعتدال، نحو إيديولوجيات مشرقية، شكلت الأرضية الخصبة، والبيئة الحاضنة، لما جرى في تلك الليلة.
ما أقدمه في هذه الشهادة، ليس بحثا في كتب التاريخ ولا قصاصات الأخبار ولا كتابات الباحثين، هو تأريخ لحقبة خاصة من تاريخ المغرب، مما عاينته ونشأت في أحضانه، قد لا أكون يومها واعيا بما حدث، ولا قادرا على التحليل والاستيعاب، ولكن ذاكرتي لم تغفل كل التفاصيل ولا أهملت أصغر الجزئيات، مما يجعلني شاهدا على التحول منذ بدايته إلى يوم تفجره. لم يحظ الشأن الديني بالمغرب بأي اهتمام خلال سنوات ما بعد الاستقلال مباشرة، ولم تؤسس الدولة الحديثة لأي تصور مذهبي وإداري لتدبير المجال وسياسته، وحافظت على نفس الصيغة التي كان متعاملا بها زمن الحماية الفرنسية، بل إن أول حكومة بعد الاستقلال لم تعرف أي وزارة مختصة بالشؤون الدينية، مما ينبئ بعدم الاهتمام بالموضوع أو الحاجة إليه.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 115 من مجلتكم «زمان»