قادت الملكة ديهيا، بعد مقتل سلفها أكسل، المقاومة الأمازيغية ضد الغزو العربي لما يسمى الآن بـ”المغرب”. وصف إبن خلدون فارسة الأمازيغ بأنها “لم يأت بمثلها زمان”، كانت تركب حصانا وتسعى بين القوم من الأوراس إلى طرابلس تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها، وأنها كانت تملك معارف خارقة للطبيعة.
في الواقع، لم تكن ديهيا التي لقبها العرب بـ”الكاهنة” هي الوحيدة من الأمازيغ، التي اتهمها العرب بإتيان الخوارق واستعمال السحر لهزم أعدائها، غير أن الكاهنة أصبحت أكثر شهرة من خلال ما كُتب عن “بطولاتها” وقيادتها لأمازيغ محاربين شجعان.
“إن أمم الأوراس ليس لها غاية، ولا يقف أحد منها على نهاية، كلما بادت أمة خلفتها أمم”، يقول حسان بن النعمان، في رسالة إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، بعد انكسار جيشه أمام الكاهنة في عام 693.
ويذكر المؤرخ ابن عذارى المراكشي الكاهنة بقوله: “جميع من بإفريقيا من الرومان منها خائفون، وجميع الأمازيغ لها مطيعون”.غير أن بعد خمس سنوات من المعارك “الملحمية” أما جيش بن النعمان، ستنتهي حياة ديهيا ومعها قصتها. وما كتبه ابن خلدون وان عذارى مجرد شذرات لم تَفِ المرأة حقها الحقيقي.
حديثا، يحاول مؤرخون ومبدعون مغاربيون رد الاعتبار لسيدة شغلت الناس في الغرب والشرق.
الأديب الجزائري كاتب ياسين كرَّم ديهيا بقصيدة كتبها على لسانها، يستلهم فيها ما رسم التاريخ لها من قصص:
“يدعوني العرب الكاهنة، الساحرة
يعرفون أني أحدثكم وأسمعكم
يندهشون من أن تقودكم امرأة
هم تجار عبيد
يرون أن من الأفضل بيع النساء
يرون في أجمل فتاة مجرد سلعة
لا يجب، أبدا، أن تتكلم أو أن تُسْمع
المرأة الحرة تستفزهم
في أعينهم، أنا شيطان”.