انطلق الفقهاء من “مبدأ لا حياء في الدين” لإصدار فتاوى عن قضايا ترتبط بالعلاقات الحميمية بين الرجل وحرمه على الفراش..
تحوي كتب النوازل مادة لا بأس بها في موضوع المعاشرة الجنسية بين الزوجين، من مبدأ «لا حياء في الدين»، إذ لم تقف حساسية موضوع الجنس عائقا أمام سؤال فقهاء العصر في مسائل لا تخلو من حرج. واستند الفقهاء – المفتون لهذا المبدأ، والسعي لحل ما استعصى من مشاكل المجتمع، للإجابة عن التساؤلات الموجهة إليهم والبت فيها، والخوض في تفاصيل الحياة الحميمية للأزواج. ولم ينتظر بعض الفقهاء التوصل بأسئلة في هذا المجال، بل اتخذوا المبادرة لطرق بعض قضاياه، التي وجدت صداها في بعض الكتابات الفقهية، وذلك من باب الإسهام في تنوير المجتمع في موضوع اعتبر ذا حساسية شديدة. يمكن تقسيم المواضيع المرتبطة بالعلاقة الحميمية بين الأزواج، من الناحية الإجرائية، إلى أربع مواضيع تتمثل في: المعاشرة الجنسية، والإشباع الجنسي، وبعض العادات الجنسية، وقضايا أخرى من قبيل تنظيم النسل.
المعاشرة الجنسية
ألح الفقهاء في باب المعاشرة الجنسية، إثر نوازل توصلوا بها، على «ألا يجامع الرجل زوجته إلا والبيت خال»، سواء كان الحاضر في البيت صغيرا أو كبيرا، نائما أو مستيقظا. فالأمر مرتبط، مبدئيا بالحس الذي يترتب عن العملية الجنسية. لذا، شدد بعضهم على كراهة أن «أن يطأ [الرجل] امرأته وأمته ومعه من يسمع حسه (…) إذ أن ذلك عورة، والعورة يتعين سترها».
لم تتوفر الظروف السوية للعملية الجنسية لغالبية الأزواج المغاربة، بالنظر إلى طبيعة السكن الذي عاشوا فيه خلال العصر الوسيط، فقد سكنوا في حوانيت، وخيام، أو قياطين، وكهوف، وأكواخ، وأخصاص، ودويرات. كما عرفت كثير من الدور المغربية اكتظاظا وتكدسا، خلقا ظروف إقامة غير سوية، إذ كثيرا ما اقتسمت أسرتان فما فوق منزلا واحدا، بما يفيد امتلاك كل أسرة لغرفة واحدة مع ما كان يرافق ذلك من استمرارية نوم الأطفال مع الآباء حتى طفولتهم المتأخرة. ثم ما يعقب ذلك أحيانا من سكنى الأبناء بعد زواجهم مع الآباء في دار واحدة. وأمام هذا الوضع، ضغط، بعض أفراد المجتمع، بأسئلتهم على الفقهاء من قبيل: «هل يكفي (…) تعليق ساتر من كتان أو غيره، ولا يخفى ما في ذلك من المشقة العظيمة على ذي الغيلة والقلة والمسكن الضيق، ولاسيما في زمان البرد». أو «عمن مد يده إلى زوجه يريد اللذة فوقعت على ابنته».
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 22-23 من مجلتكم «زمان»